منتديات ومضات محمدية
اهلا وسهلا بكم في منتديات الامام الحسن الزكي عليه السلام
منتديات ومضات محمدية
اهلا وسهلا بكم في منتديات الامام الحسن الزكي عليه السلام
منتديات ومضات محمدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتـــــــــــــــــــــــــــــدى اســـــــــــــــــــــــــلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالشات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» تهنئة بتتويج المهدي عجل الله فرجه
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالسبت يناير 11, 2014 3:04 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

»  زياره الامام الحسن العسكري عليه السلام
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالخميس يناير 09, 2014 11:01 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تعزية باستشهاد الامام الحسن العسكري
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالخميس يناير 09, 2014 10:22 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» قصيدة تقطع القلب | ها عباس !!! | سيد عبد الخالق المحنه | ليلة 7 محرم 1435
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 07, 2014 8:08 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» كيف تقضي على الخوف بذكر الله
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:34 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تاريخنا الهجري
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:31 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» عن لسان الامام الصادق
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:20 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تعزية بوفاة الرسول محمد (ص)
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 31, 2013 10:19 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» بيــــــــان هـــــــــــام : رد الدكتــــور أبو الخيـر على جريدة فيتو...
الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 12, 2013 8:38 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 الامام الحسين عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادم العترة الطاهرة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
خادم العترة الطاهرة


عدد المساهمات : 48
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/07/2013

الامام الحسين عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: الامام الحسين عليه السلام   الامام الحسين عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 02, 2013 4:23 pm


الامام الحسين عليه السلام




طالما أن هنالك ظالمين يتحكمون بمصائر الشعوب بالقهر والظلم والتعسف، وطالما ثمة نفوس تواقة إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل، فأن هناك بصيص أمل يكاد نوره يبهر الألباب لمن أراد أن يتعرف عليه ويتعاطى معه إزاء معالجة المشاكل التي تحيق به من كل حدب وصوب.

ومن هذا المنطلق، فإنه يحق لكل أمة أن تقتبس من ذلك البصيص، لتبديد الظلام الذي يكتنفها، والسعي حثيثاً لاقتفاء أثر المصلحين، الذين رفعوا لواء الحرية، ودافعوا عن كرامة الإنسان، ليكون حراً بعيداً عن كل أشكال العبودية والاستبداد، أولئك الذين زوّدوا الأمة أمصال المناعة ضد كل احتقان سياسي أو طائفي أو عنصري، وألبسوا الإنسانية حلتها الجديدة الناصعة في التعاطي مع الأحداث بالسلوك القيمي والأخلاقي، الذي ينأى بطبعه عن كل العصبيات القبلية والإثنية والقومية.

فمن حق الأمة المتحررة أن تفتخر بروادها الذين أسسوا للحرية، وحفروا في التاريخ القديم والمعاصر أخاديد الحب والكرامة والإباء، ومن بين أولئك الأفذاذ، الذين من حقنا أن نفتخر بهم الإمام الهمام سيد الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام) وكيف لا؟ ونحن لا نجد في سيرته المباركة سوى معاني الإخلاص والثورة ضد كل أنواع الفساد، والدفاع عن حقوق الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن انتمائه! وهذا المعنى يتجلى في سيرته المباركة، وهو ما عبر عنه حينما صدح صوته في صحراء كربلاء مخاطبا أعداءه (إنْ لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم)

من هو الحسين (عليه السلام) ؟

هو الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وأُمه فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول رب العالمين ونبي المسلمين الصادق الأمين، وأخوه الحسن بن علي (عليهما السلام) الذي قال الرسول الأعظم بحقه وبحق أخيه (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما).

من كنى الإمام الحسين عليه السلام (الرشيد و الوفي و الطيب و السيد الزكي و المبارك و التابع لمرضاة الله و الدليل على ذات الله و السبط...) و أعلاها رتبة ما لقبه به جده صلى‏الله‏ عليه‏ وآله في قوله عنه و عن أخيه الحسن أنهما (سيدا شباب أهل الجنة) و كذلك (السبط) لقوله صلى‏الله‏ عليه‏ وآله (حسين سبط من الأسباط).

ولد الإمام الحسين عليه السلام بالمدينة في الثالث من شعبان و قيل لخمس خلون منه سنة ثلاث أو أربع من الهجرة و روى الحاكم في المستدرك من طريق محمد بن إسحاق الثقفي بسنده عن قتادة أن ولادته لست سنين و خمسة أشهر و نصف من التاريخ.

و قيل ولد في أواخر ربيع الأول و قيل لثلاث أو خمس خلون من جمادى الأولى و المشهور المعروف أنه ولد في شعبان و كانت مدة حمله ستة أشهر.

ولما ولد جي‏ء به إلى رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏وآله فاستبشر به و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى فلما كان اليوم السابع سماه حسينا و عق عنه بكبش و أمر أن تحلق رأسه و تتصدق بوزن شعره فضة كما فعلت بأخيه الحسن فامتثلت ما أمرها به.

وعن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش أن رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله سمى حسنا و حسينا يوم سابعهما و اشتق اسم حسين من اسم حسن.

وقيل ان الرسول صلى الله عليه وآله سمّاه حسيناً باسم ابن النبي هارون (شبـير) كما سمى ريحانته الأول حسناً باسم إبن النبي هارون (شبر).

وروى الحاكم في المستدرك و صححه بسنده عن أبي رافع رأيت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله أذن في أذن الحسين حين ولدته فاطمة) و بسنده (عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي عليه ‏السلام و صححه أن رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله أمر فاطمة فقال زني شعر الحسين و تصدقي بوزنه فضة و أعطي القابلة رجل العقيقة.) و بسنده (أن رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله عق عن الحسن و الحسين يوم السابع و سماهما و أمر أن يماط عن رءوسهما الأذى.

و بسنده عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال عق رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله عن الحسين بشاة و قال يا فاطمة احلقي رأسه و تصدقي بزنة شعره فوزناه و كان وزنه درهما و بسنده أن النبي صلى‏الله‏عليه‏وآله عق عن الحسن و الحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثليين متكافيين.

للإمام الحسين عليه السلام من الأولاد ستة ذكور وثلاث بنات.

- علي الأكبر.. شهيد كربلاء أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية.

- علي الأوسط.

- علي الأصغر زين العابدين أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس و معنى شاه زنان بالعربية ملكة النساء.

وقال المفيد: الأكبر زين العابدين و الأصغر شهيد كربلاء و المشهور الأول.

- محمد.

- جعفر مات في حياة أبيه ولم يعقب أمه قضاعية.

- وعبد الله الرضيع جاءه سهم و هو في حجر أبيه فذبحه.

- وسكينة وأمها أم عبد الله الرضيع الرباب بنت إمرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم ، كلبية معدية.

- وفاطمة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله تيمية.

- زينب.

ومن أخلاق الأمام عليه ‏السلام أنه دخل على أسامة بن زيد و هو مريض و هو يقول وا غماه فقال و ما غمك قال ديني و هو ستون ألف درهم، فقال عليه السلام هو عليّ، قال إني أخشى أن أموت قبل أن يقضى، قال عليه السلام لن تموت حتى أقضيها عنك فقضاها قبل موته.

ويذكر التأريخ أنه لما أخرج مروان الفرزدق من المدينة أتى الفرزدق الحسين عليه‏السلام فأعطاه الإمام أربعمائة دينار، فقيل له إنه شاعر فاسق فقال إن خير مالك ما وقيت به عرضك و قد أثاب رسول الله صلى‏الله‏ عليه‏ وآله كعب بن زهير و قال في العباس ابن مرداس اقطعوا لسانه عني.

و روى ابن عساكر في تاريخ دمشق أن سائلا خرج يتخطى أزقة المدينة حتى أتى باب الإمام الحسين فقرع الباب و أنشا يقول:

لم يخب اليوم من رجاك و من حرك من خلف بابك الحلقه

‏فأنت ذو الجود أنت معدنه أبوك قد كان قاتل الفسقة

و كان الحسين واقفا يصلي فخفف من صلاته و خرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر ضر و فاقة فرجع و نادى بقنبر فأجابه لبيك يا ابن رسول الله (صلى‏الله‏ عليه‏ وآله) قال ما تبقى معك من نفقتنا؟قال مائتا درهم أمرتني بتفريقها في أهل بيتك فقال هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم فأخذها و خرج يدفعها إلى الأعرابي و أنشا يقول:

خذها فإني إليك معتذر***و اعلم بأني عليك ذو شفقه

‏لو كان في سيرنا الغداة عصا***كانت سمانا عليك مندفقه‏

لكن ريب الزمان ذو نكد***و الكف منا قليلة النفقه

فأخذها الأعرابي و ولى و هو يقول:

مطهرون نقيات جيوبهم*** تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

و أنتم أنتم الأعلون عندكم علم***الكتاب و ما جاءت به السور

من لم يكن علويا حين تنسبه ***ما له في جميع الناس مفتخر

وفي تحف العقول : جاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة فقال يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة و ارفع حاجتك في رقعة فإني آت فيها ما هو سارك إن شاء الله فكتب يا أبا عبد الله إن لفلان علي خمسمائة دينار و قد ألح بي فكلمه أن ينظرني إلى ميسرة فلما قرأ الحسين عليه‏السلام الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار و قال له: أما خمسمائة فاقض بها دينك و أما خمسمائة فاستعن بها على دهرك، و لا ترفع حاجتك إلا إلى ثلاثة إلى ذي دين أو مروءة أو حسب، فأما ذو الدين فيصون دينه، و أما ذو المروءة فإنه يستحيي لمروءته، و أما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك.

وجد على ظهره عليه‏ السلام يوم الطف أثر فسئل زين العابدين عليه‏السلام عن ذلك فقال هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل و اليتامى و المساكين.

أما أصحابه أصحابه فكانوا خير أصحاب، فارقوا الأهل و الأحباب و جاهدوا دونه جهاد الأبطال و تقدموا مسرعين إلى ميدان القتال قائلين له أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا و وجوهنا يضاحك بعضهم بعضا قلة مبالاة بالموت و سرورا بما يصيرون إليه من النعيم، و لما أذن لهم في الانصراف أبوا و أقسموا بالله لا يخلونه أبدا و لا ينصرفون عنه قائلين أ نحن نخلي عنك و قد أحاط بك هذا العدو و بم نعتذر إلى الله في أداء حقك، و بعضهم يقول لا و الله لا يراني الله أبدا و أنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي و أضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي و لو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة و لم أفارقك أو أموت معك و بعضهم يقول و الله لو علمت إني أقتل فيك ثم أحيا ثم أحرق حيا يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك و بعضهم يقول و الله لوددت أني قتلت ثم نشرت ألف مرة و أن الله يدفع بذلك القتل عنك و عن أهل بيتك و بعضهم يقول أكلتني السباع حيا إن فارقتك و لم يدعو أن يصل إليه أذى و هم في الأحياء و منهم من جعل نفسه كالترس له ما زال يرمي بالسهام حتى سقط و أبدوا يوم عاشوراء من الشجاعة و البسالة ما لم ير مثله فأخذت خيلهم تحمل و إنما هي اثنان و ثلاثون فارسا فلا تحمل على جانب من خيل الأعداء إلا كشفته.

أما إباؤه للضيم و مقاومته للظلم و استهانته القتل في سبيل الحق و العز فقد ضربت به الأمثال و سارت به الركبان و ملئت به المؤلفات و خطبت به الخطباء و نظمته الشعراء و كان قدوة لكل أبي و مثالا يحتذيه كل ذي نفس عالية و همة سامية و منوالا ينسج عليه أهل الإباء في كل عصر و زمان و طريقا يسلكه كل من أبت نفسه الرضا بالدنية و تحمل الذل و الخنوع للظلم، و قد أتى الحسين عليه‏ السلام في ذلك بما حير العقول و أذهل الألباب و أدهش النفوس و ملأ القلوب و أعيا الأمم عن أن يشاركه مشارك فيه و أعجز العالم أن يشابهه أحد في ذلك أو يضاهيه و أعجب به أهل كل عصر و بقي ذكره خالدا ما بقي الدهر، أبى أن يبايع يزيد بن معاوية السكير الخمير صاحب الطنابير و القيان و اللاعب بالقرود و المجاهر بالكفر و الإلحاد و الاستهانة بالدين.

قائلا لمروان و على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد ، و لأخيه محمد بن الحنفية : و الله لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية ، في حين أنه لو بايعه لنال من الدنيا الحظ الأوفر و النصيب الأوفى و لكان معظما محترما عنده مرعي الجانب محفوظ المقام لا يرد له طلب و لا تخالف له إرادة لما كان يعلمه يزيد من مكانته بين المسلمين و ما كان يتخوفه من مخالفته له و ما سبق من تحذير أبيه معاوية له من الحسين فكان يبذل في إرضائه كل رخيص و غال، و لكنه أبى الانقياد له قائلا: إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة بنا فتح الله و بنا ختم و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة و مثلي لا يبايع مثله، فخرج من المدينة بأهل بيته و عياله و أولاده، ملازما للطريق الأعظم لا يحيد عنه، فقال له أهل بيته: لو تنكبته كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب، فأبت نفسه أن يظهر خوفا أو عجزا و قال: والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض، و لما قال له الحر : أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، أجابه الحسين عليه‏ السلام مظهرا له استهانة الموت في سبيل الحق و نيل العز، فقال له: أ فبالموت تخوفني و هل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني، و سأقول كما قال أخو الأوس و هو يريد نصرة رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله فخوفه ابن عمه و قال: أين تذهب فإنك مقتول: فقال:

سأمضي و ما بالموت عار على الفتى *** إذا ما نوى حقا و جاهد مسلم

اأقدم نفسي لا أريد بقاءها *** لتلقي خميسا في الوغى و عرمرم

فإن عشت لم أندم و إن مت لم ألم *** كفى بك ذلا أن تعيش فترغما

يقول الحسين عليه ‏السلام : ليس شأني شأن من يخاف الموت ما أهون الموت علي في سبيل نيل العز و إحياء الحق ليس الموت في سبيل العز إلا حياة خالدة، و ليست الحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه، أ فبالموت تخوفني هيهات طاش سهمك و خاب ظنك لست أخاف الموت إن نفسي لأكبر من ذلك و همتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفا من الموت و هل تقدرون على أكثر من قتلي مرحبا بالقتل في سبيل الله و لكنكم لا تقدرون على هدم مجدي و محو عزي و شرفي فإذا لا أبالي بالقتل. وهو القائل: موت في عز خير من حياة ذل، وكان يحمل يوم الطف و هو يقول:

الموت خير من ركوب العار***والعار أولى من دخول النار

لما أحيط به بكربلاء و قيل له: أنزل على حكم بني عمك، قال: لا و الله!لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا أقر إقرار العبيد، فاختار المنية على الدنية و ميتة العز على عيش الذل، و قال: إلا أن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة يأبى الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنون و جدود طابت و حجور طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.أقدم الحسين عليه‏السلام على الموت مقدما نفسه و أولاده و أطفاله و أهل بيته للقتل قربانا وفاء لدين جده صلى‏الله ‏عليه‏ وآله بكل سخاء و طيبة نفس و عدم تردد.

أما شجاعته فقد أنست شجاعة الشجعان و بطولة الأبطال و فروسية الفرسان من مضى و من سيأتي إلى يوم القيامة، فهو الذي دعا الناس إلى المبارزة فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة، و هو الذي قال فيه بعض الرواة: و الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جاشا و لا أمضى جنانا و لا أجرأ مقدما منه و الله ما رأيت قبله و لا بعده مثله و إن كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه و عن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب، و لقد كان يحمل فيهم فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، و هو الذي حين سقط عن فرسه إلى الأرض و قد أثخن بالجراح، قاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية و يفترص العورة. ويشد على الشجعان و هو يقول: أعلي تجتمعون، و هو الذي جبن الشجعان و أخافهم و هو بين الموت و الحياة حين بدر خولي ليحتز رأسه فضعف و أرعد.و في ذلك يقول السيد حيدر الحلي :

عفيرا متى عاينته الكماة***يختطف الرعب ألوانها

فما أجلت الحرب عن مثله***قتيلا يجبن شجعانها

وهو الذي صبر على طعن الرماح و ضرب السيوف و رمي السهام حتى صارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ و حتى وجد في ثيابه مائة و عشرون رمية بسهم و في جسده ثلاث و ثلاثون طعنة برمح و أربع و ثلاثون ضربة بسيف.

هذا الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام سيد الشهداء وأبو الأحرار.

السيرة


شكلت النهضة الحسينية ولا زالت مجالاً واسعاً للبحث والدراسة واستخلاص العبر، ورغم مرور ما يزيد على الثلاثة عشر قرنا على هذه الواقعة الخالدة، فان أجيال الأحرار في العالم ما فتأت تستلهم من المعين الكربلائي هدي طريقها ونبراس سيرها.

وإذا كان (لكل عصر يزيده ولكل عصر حسينه) فإن التعرف على أبطال الواقعة الكربلائية الخالدة ومجريات الأحداث والوقائع التي سبقتها بلغة العقل والقلب معاً المشفوعة بالتحليل الدقيق والعميق لهذه المجريات سواء تلك التي سبقت أو واكبت أو لحقت يوم العاشر من المحرم لعام 61 هجري. تعد مقدمة ضرورية لفهم مقتضيات هذه النهضة وظروفها ومفاعيلها ونتائجها.

معنى الإمامة

الإمامة هي القيادة المنصوص عليها من الله تعالى لمرحلة ما بعد الرسول صلى الله عليه وآله، وكان النبي محمد صلى الله عليه وآله مكلفاً بإبلاغها إلى الناس.

دور الإمامة

إن لأئمة أهل البيت عليه السلام دوراً عاماً يشتركون جميعاً في السعي لتحقيقه بالرغم من تفاوت الظروف السياسية والاجتماعية التي يمرون بها، كمثل مسؤوليتهم في الحفاظ على الرسالة الإسلامية وتحصينها من كل ما يشوبها من عوالق، ومسؤوليتهم في الحفاظ على الأمة ووقايتها من الأخطار التي تهددها، وتبيين الأحكام الشرعية والحقائق القرآنية، وإنقاذ الدولة الإسلامية من كل تحدٍّ كافر، وتعريف الأمة بفضل أهل البيت عليه السلام وأحقيتهم بالأمر ما سنحت الفرصة واتسع المجال، ومن الدور العام المشترك لأئمة أهل البيت عليه السلام أصل القيام بوجه الحاكم الظالم إذا توفرت "العدة" اللازمة للقيام بكل أبعادها لا في بُعد العدد فقط.

وقد تتشابه الأدوار الخاصة لبعضهم نتيجة تشابه تلك الظروف، كما هي الحال في الظروف التي عاشها كل من الإمامين الباقر والصادق عليهم السلام أو الإمامين الهادي والعسكري‏ عليهم السلام. وقد تتعارض الأدوار الخاصة لبعضهم نتيجة التغاير بين تلك الظروف، كما هي الحال في مهادنة الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية والثورة التي قام بها الإمام الحسين‏ عليه السلام ضد يزيد بن معاوية.

الحكم الأموي

بعد فتح مكة المكرمة تحوّل المسلمون إلى قوة مركزية قاهرة ودولة ظافرة. وتحولت قريش كقبيلة مشركة من تجمع مركزي مؤثّر في الأحداث إلى شتات ضعيف فاشل. وقد أصرّ غالب بني أمية كما أصرّ كل عتاة قريش على الكفر برسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله رغم أنهم حاولوا إرضاءه ظاهراً، عندما سألهم يوم فتح مكة: "ماتظنون أني صانع بكم"

فقالوا أخ كريم وابن أخ كريم. فقال صلى الله عليه وآله: "اذهبوا فأنتم الطلقاء "

أظهرت قريش ومنها غالب الأمويين الإسلام نفاقاً، وكانوا يترصّدون مجرى الأحداث لعل الأمر يتيح لهم الفرصة السانحة للانقضاض على الإسلام، ولمّا لم يتمكنوا من ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، إستبطأوا تحقق غاياتهم الشيطانية.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام:

"إن العرب كرهت أمر محمد صلى الله عليه وآله وحسدته على ما أتاه الله من فضله، واستطالت أيامه حتى قذفت زوجته، ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها، وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ كان حيا على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته، ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة وسُلماً إلى العز والإمرة لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً".

وعندما رأوا الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ينحرف عن مساره كما خططوا، تجدد لهم الأمل والرجاء بأن يعود لهم سابق شأنهم في الجاهلية، فعملوا بعقلية الحزب الحاكم، وعادت الجاهلية بالانقلاب على الأعقاب، ولكن تحت غطاء الإسلام لطمس المعالم الحقيقية للإسلام المحمدي الأصيل.

يضيف الأمير عليه السلام:

"ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرت بعد الفاقة، وتموّلت بعد الجهد والمخمصة، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجا، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذا، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير المراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين، فكنا نحن ممن خمل ذكره، وخبت ناره وانقطع صوته وصيته حتى أكل الدهر علينا وشرب، ومضت السنون والأحقاب بما فيها، ومات كثير ممن يعرف، ونشأ كثير ممن لا يعرف".

وهكذا بدأ العمل لمحاصرة السُنّة النبوية علناً تحت ستار الخشية من انتشار الاختلاف في الأمة، ونشأت حالة الشلل النفسي فيها حتى التي تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعجزت عن تمييز الحق من الباطل.

ومن أبرز النتائج السلبية التي برزت عبر السنوات ما بين وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وبداية إمامة الحسين عليه السلام:

1 إقصاء الولي الشرعي عن مقامه.

2 التضييق على أهل البيت عليهم السلام ومحاصرتهم اقتصاديا بشكل خاص، وملاحقة الأتباع.

3 منع بني هاشم من تولي المناصب الحكومية.

4 بسط يد الأمويين وأضرابهم في تولي المناصب الحكومية.

5 انبعاث الروح القبلية من جديد، والروح القومية التي كانت أساس التفريق في العطاء (توزيع الثروة الاجتماعية).

6 الركون إلى الترف والبذخ واكتناز المال.

لقد تمزقت الأمة التي جعلها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله "خير أمة أخرجت للناس"، فعادت إلى القبلية والطبقية وراج التناحر بدلاً من المؤاخاة التي أرسى قواعدها الرسول صلى الله عليه وآله، وشاعت الوصولية والانتهازية، مما أدى إلى ظهور أهل الترف وطبقة الفقراء الأذلاء، فصار جُل سعي الناس التزلف إلى السلطان والتقرّب منه والتملق إليه.

صلح الإمام الحسن عليه السلام وموقف الإمام الحسين عليه السلام منه

كان صلح الإمام الحسن عليه السلام مع السلطة الأموية أبغض الخيارات أمامه. وقد اضطر إليه حرصاً على مصالح إسلامية كبرى، فلقد كان عليه السلام يرى الأمة المتخاذلة لا يعنيها مصير الإسلام، وقد تفرقت عن أبيه من قبله، وحسمت خيارها في أخر معركة صفين وكان المضي قدماً في المواجهة يمكّن معاوية من استئصال المحمديين الصادقين الذين أراد الله تعالى إيصال الإسلام بهم إلى الأجيال، دون أن يمكّن ذلك الإمام الحسن‏ عليه السلام أن يلزم معاوية بقبول شروط تكشف عدوانه وادعاء ما ليس له به أدنى علاقة من قريب ولا من بعيد.

انتمى معاوية إلى الإسلام ظاهراً قبل رحيل المصطفى‏ صلى الله عليه وآله بخمسة أشهر، إلا أن الحزب القرشي الأموي، مهد له ليتمكن من الوصول إلى مركز التلاعب بمصير الإسلام والمسلمين.

ويجب التنبه في هذا المجال إلى التحالف بين معاوية وبين بعض أهل الكتاب الذي يؤكده ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله:

"ليموتن ابن هند على غير ملتي".

كان ما عرف بالصلح هو الخيار الوحيد الذي يعري حقيقة السلطة ونفاقها والجاهلية الثانية التي أشار إليها القران الكريم.

وقد وقف الإمام الحسين عليه السلام من كل قرارات الإمام الحسن‏ عليه السلام ومواقفه موقف الشريك المعاضد والنصير المؤازر، وأكد دعمه التام للقرار الحسني بالصلح، وامتثل لأمره كإمام مفترض الطاعة، ورفض التحلل من هذا الصلح، وحرص على تهدئة فورة بعض المعترضين، وأمرهم بالصبر والترقب والانتظار.

وبعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام كتب الموالون إليه يدعونه للتحلل من الصلح والقيام ضد معاوية، فأجابهم عليه السلام:

"إني لأرجو أن يكون رأي أخي في جهاد الظلمة رشداً وسداداً، فالصقوا بالأرض، وأخفوا الشخص، واكتموا الهوى".

شخصية يزيد بن معاوية

ولد يزيد بن معاوية سنة 25 أو 26هـ. أمه ميسون النصرانية من قبيلة بني كلاب، وقد ظلّت على ديانتها وهي في قصر خليفة المسلمين! فعادت إلى أهلها في البادية وهي تحمله لتلده فيها حيث نشأ يزيد هناك بين أخواله. وكان يزيد متهتكاً في معاصيه و مباذله وهواياته لا يأبه بأحكام الله وحدوده تعالى، ولا يقيم لها وزناً، وتلك هي سير أبيه من قبله، فكان يقول له: "يا بني ما أقدرك على أن تصل إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك ويشمت بك عدوك و يسي‏ء بك صديقك".

كان يزيد أول من أظهر شرب الخمر والانصراف إلى الغناء والصيد واتخاذ الغلمان واللعب بالقرود،، وكان يُلبس كلاب الصيد أساور وحُللاً من ذهب ويهب لكل كلب عبداً يخدمه.

قال زياد بن أبيه لمعاوية عندما طلب إليه أخذ بيعة المسلمين في البصرة لولده: "فما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد، وهو يلعب بالكلاب والقرود، ويلبس المصبّغ، ويدمن الشراب، ويمشي على الدفوف".

وأمر يزيد عبيد الله بن زياد بقتل الإمام الحسين عليه السلام وإرسال رأسه إليه بعدما رفض بيعته، وقد افتخر بانتمائه إلى الجاهلية ورأسُ ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بين يديه بعدما تمثّل بأبيات ابن الزبعري التي مطلعها:

ليت أشياخي ببدر شهدوا***جزع الخزرج من وقع الأسل‏

وختامها:

لعبت هاشم بالملك فلا***خبر جاء ولا وحي نزل‏

كانت ولاية يزيد ثلاث سنين وستة أشهر

في السنة الأولى قتل الإمام الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في واقعة كربلاء وسبى نساءه من كربلاء إلى الشام.

في السنة الثانية نهب مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وأباحها ثلاثة أيام لجيشه، تمّ فيها قتل سبعمائة من المهاجرين والأنصار، فلم يبق بدري بعد ذلك، وقتل عشرة آلاف من الموالي والعرب والتابعين، وانتهكت النساء.

وفي السنة الثالثة حاصر مكة وأحرق الكعبة الشريفة.

بين معاوية ويزيد

كان إصرار معاوية على استخلاف ولده يزيد إصراراً على القضاء على الإسلام، وانتقاما من رسول الله صلى الله عليه وآله بتحويل الخلافة إلى مُلك لا قيمة فيه لإرادة الأمة واختيارها.

وقال معاوية: "ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي وعرفت قصدي"، وتدل هذه العبارة أن معاوية بما لديه من دهاء، كان يعلم أن استمرار نجاح جهود حركة النفاق التي أنتجت الحكم الأموي الجاهلي المتستر بالمظهر الإسلامي، يقتضي أن يأتي بعد معاوية حاكم آخر داهية لا يرتكب الحماقات التي تفضح خطة التستر بالدين، وحتى تستمر الخدعة إلى وقت لا يبقى من الدين إلا اسمه، ولكن معاوية كان على علم بأن هذه الصفات لا تتوفر في يزيد، فهو يمتلك من الرعونة والحماقة ما يكفي لهدم ما بني طيلة خمسين سنة.

ولكن حب معاوية لذاته وليزيد كامتداد وجودي ونسبي له جعله يصر على استخلاف يزيد انقياداً لهواه في ولده مع معرفته للمصائب التي سيجلبها للأمويين، خصوصاً مع وجود ولاةٍ في الإمارات الإسلامية كيزيد، تقودهم حماقتهم إلى المواجهة العلنية مع آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله لما يكنون لهم من حقدٍ وضغينة، وأن هؤلاء سيقضون على إمارة الولاة المتبنين لسياسة معاوية الخبيثة وهي المواجهة السرية، بإلصاق تهم الضعف في إدارة شؤون البلاد.

معاوية يأخذ البيعة ليزيد

بعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام، إثر السم الذي دسته له زوجه جعدة بنت الأشعث بعد وعدٍ قطعه لها معاوية بتزويجها لابنه يزيد ولم يفِ به، أخذ معاوية البيعة ليزيد في الشام وفي أغلب الأمصار.

وأرسل إلى مروان بن الحكم والي المدينة آنذاك بأخذ البيعة ليزيد من وجهاء القوم، فأنكروا على مروان ذلك.

والمدينة المنورة هي مركز ثقل الدعوة الإسلامية، ففيها منزل الإمام الحسين عليه السلام وال بيته الأطهار من بني هاشم، وبقية صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، لذا فإن أحذ البيعة من أهلها يعتبر انتصاراً كبيراً لمعاوية لناحية وضع "الهاشميين" وعلى رأسهم الإمام الحسين عليه السلام تحت أمرٍ واقع ببقاء إمارة المسلمين بيد الأمويين.

واستعصت المدينة على البيعة فعزل معاوية مروان وعيّن سعيد بن العاص والياً عليها، وقد أوصاه أن يأخذ البيعة من المهاجرين والأنصار بالشدة، وكتب إليه وأمره بالحزم والتصلب مع الرفق وتجنب الخرق في التعامل مع الإمام الحسين عليه السلام قائلاً: "وانظر حسيناً خاصة، فلا يناله منك مكروه، فإن له قرابة وحقاً عظيماً لا ينكره مسلم ولا مسلمة، وهو ليث عرين، ولستُ آمنك إن شاورته أن لا تقوى عليه" ولم يكن هذا من منطلق احترامه له بل لدهائه على ما سيأتي.

وقد شدد معاوية في حياته الرقابة على الإمام الحسين عليه السلام ورصد عليه الصغيرة والكبيرة من سكناته وحركاته في حياته الخاصة والعامة، وتعمد إشعار الإمام عليه السلام بذلك لردعه عن فكرة الخروج والقيام.

وكتب معاوية إلى الإمام عليه السلام بعد رفضه مبايعة يزيد ولياً للعهد: "أما بعد.. فقد انتهت إلي منك أمور، لم أكن أظنّ بك رغبة عنها، وإن أحق الناس بالوفاء لَمن أعطى بيعته من كان مثلك في خطرك وشرك ومنزلتك التي أنزلك الله بها، فلا تنازع إلى قطيعتك، واتق الله ولا تردن هذه الأمة في فتنة، وأنظر لنفسك ودينك وأمة محمد، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون".

أما الإمام الحسين عليه السلام فقد رد على معاوية رداً احتجاجياً تضمن إدانته له بقتل الصحابي الجليل حجر بن عدي، و بإستلحاقه زياد بن عبيد الرومي بنسب أبي سفيان ثم تسليطه على الأمة يبطش بها، وذكّره مغبة سوء العاقبة وزوال الدنيا، وأن لله كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وكانت الفقرة الختامية في هذا الرد:

"واعلم أن الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظّنة وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبياً يشرب الشراب ويلعب بالكلاب، ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك وأهلكت دينك وأضعت الرعية، والسلام".

فقدم معاوية إلى المدينة حاجاً وأوفد إلى الإمام الحسين‏ عليه السلام وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، كل على انفراد، ودعاهم إلى قبول البيعة ليزيد لكنه لم يحصل منهم على ما يريد.

وفي اليوم الثاني أرسل إلى الإمام الحسين عليه السلام وعبد الله بن عباس، فسبق ابن عباس، وأقعده معاوية في الفراش على يساره وحادثه ملياً حتى أقبل الإمام الحسين عليه السلام، فلما رآه معاوية جمع له وسادة على يمينه، فدخل الإمام عليه السلام وسلم، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن عليه السلام، فأخبره ثم سكت.

وابتدأ معاوية بالكلام، فقال بعد الحمد والثناء كلاماً مطولاً يصف فيه ولده يزيد وماذا يريد معاوية من تنصيبه خليفة، ومن جملة ما قال: "وقد كان من أمر يزيد ما سُبقتم إليه وإلى تجويزه، وقد علم الله ما أحاول به من أمر الرعية، من سدّ الخلل ولم ّالصدع بولاية يزيد، بما أيقظ العين وأحمد الفعل، هذا معناي في يزيد...".

فأشار إليه الإمام الحسين عليه السلام راداً:

".. وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد، من اكتماله وسياسته لأمة محمد، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصفُ محجوباً، أو تنعتُ غائباً، أو تخبر عمّا كان مما احتويته بعلم خاص. وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه..".

فاحتجب معاوية عن الناس في المدينة ثلاثة أيام، ثم خرج فأمر المنادي أن ينادي في الناس أن يجتمعوا لأمر جامع، فاجتمع الناس في المسجد، وقعد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه حول المنبر. فأخذ معاوية يخبر الناس بفضائل يزيد، وأنه طلب له البيعة من كل القرى والمدر فأجابت إلا المدينة قد أخرّت بيعته.

وحاججه الإمام الحسين عليه السلام أمام القوم حول خصال يزيد. غير أن أهل الشام ضربوا بأيديهم إلى سيوفهم فسلّوها، وطلبوا الإذن بضرب أعناق الرجال الرافضين للبيعة، وكان هدف الإمام الحسين عليه السلام تسجيل الموقف ليتضح أنه لا يعطي أدنى شرعية لتعيين يزيد.. فنزل معاوية عن المنبر.

وأقبل أهل مكة إلى الإمام الحسين عليه السلام يسألونه عن بيعة يزيد، وأنه وصلهم أنه قد دُعي وبايع.

فقال الإمام الحسين عليه السلام:

"لا والله ما بايعنا، ولكن معاوية خدعنا وكادنا ببعض ما كادكم به".

الإمام الحسين عليه السلام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله

كان الناسُ قد كرهوا الحرب لطول معاناتهم منها ورغبة منهم في الدنيا والسلامة والدعة وطاعةً لرغبات زعماء قبائلهم، ولكنهم اكتشفوا بعد مدة مدى الخطأ الذي وقعوا فيه بضعفهم عن القيام بتبعات القتال وخذلان الإمام الحسن عليه السلام بعدما ذاقوا طعم واقع السلطة التي اعتمدت مبدأ الاضطهاد والإرهاب والتجويع والحرمان والمطاردة المستمرة وخنق الحريات والاستهزاء بالشريعة والاستخفاف بالقيم. فأولى الإمام الحسين عليه السلام أتباعه عناية فائقة ورعاية خاصة، وحرص في ظرفه السياسي الاجتماعي الشديد الحساسية والخطورة على حفظهم من كل سوء، وعمل ما بوسعه لإبقائهم بمنأى عن منال يد البطش، وحثّ أهل المعرفة والعلم من مواليه بأن يكفلوا إخوانهم المحرومين من العلم، ونشر الثقافة السياسية والوعي إزاء خطر الحكومة المحدق بالدين المحمدي.

في خضم تيار التضليل الديني والسياسي المهيمن على الرأي العام الإسلامي، كان الإمام الحسين عليه السلام يُصارع هذا التيار ويحاول اختراقه في تبيين الحق والدعوة إليه والدفاع عنه.

وقد عمد الإمام الحسين عليه السلام إلى كشف الضلال وزيفه عن ذهنية الأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليمها وتربيتها من خلال حلقات الوعظ والإرشاد التي كان يقوم بها في المدينة ومكة، واستغل المناسبات الدينية لبث الوعي فيها وتذكيرها بالسُنّة النبوية الشريفة ودعوتها إلى نصرة الحق، وقد ورد في كلامٍ خاطب به أهل العلم من الصحابة خاصة والتابعين عامة، يحتجُ عليهم فيه ويوضّح الأسباب العميقة لرفض بيعة يزيد:

".. اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنُري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، و يأمن المظلوم من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك..".

وجاء الناس إليه من أهل العراق وأشراف الحجاز والبصرة واليمن ومختلف المدن الإسلامية، يجلّونه ويعظّمونه ويدعونه إلى أنفسهم، ويقولون له: "إنا لك عضد ويد"، حتى إذا مات معاوية لم يعدل الناس بالإمام الحسين عليه السلام أحد.

وقد حرص معاوية بقية حياته يهتم بأمر الإمام الحسين‏ عليه السلام اهتماماً فائقاً ويحسب له حساباً في موازنة دقيقة بين عدم التحرش به وعدم إثارته، وبين مراقبة دقيقة متواصلة للحيلولة دون خروج فكرة القيام والثورة عنده من مكنون النية إلى حيّز التطبيق والتنفيذ العملي. فقد صرّح الوليد بن العُتبة الذي استلم ولاية المدينة بعد سعيد بن العاص، بحدود موقف السلطة الرسمي منه حينما عنفه الإمام عليه السلام على منعه أهل العراق من اللقاء به قائلاً له:

"يا ظالماً لنفسه، عاصياً لربه، علامَ تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقي ما جهلته أنتَ وعمك؟".

هلاك معاوية

هلك معاوية وعمره يناهز أكثر من سبعين سنة، قضى فيها حوالي اثنين وأربعين سنة منها والياً على دمشق، فيها تسعة عشر سنة وبضعة أشهر (ملكاً) على جميع البلاد الإسلامية، وهو القائل: "أنا أول الملوك" و "رضينا بها ملكاً".

وقد نشر بين خاصته أنه كتب في الوصية لابنه يزيد: "فأما الحسين فأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وإن له رحماً ماسّة وحقاً عظيماً وقرابة من محمد صلى الله عليه وآله ولا أظنّ‏ُ أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرت عليه فاصفح عنه، فإني لو أني صاحبه عفوت عنه..".

وما هذه الوصية الأموية الشيطانية إلا رسالة مبطنة للفت نظر يزيد المستخف بشؤون الدين والسياسة إلى خطورة مقارعة الإمام الحسين عليه السلام علناً، فذلك سيفصل الإسلام نهائياً عن السلطة ويمزق الإطار الديني الذي يتشبث به الحكم الأموي، ويمنح الأمة روحاً ثورية وتضحوية جديدة خالصة من كل شوائب الشلل النفسي، وبذلك تتابع الثورات ضد الحكم. أما المواجهة السرية وقتل الإمام عليه السلام بالسم مثلاً أو الاغتيال، فلن يترك أي أثر، ويمكن أن تنطلي حيلة موته المزعوم على الأمة.

ولكن الأمر لم يكن منحصراً في احتمال المواجهة السرية، بل هناك احتمال حصول مواجهة علنية يختار الأمام عليه السلام لها الظروف الزمانية والمكانية ويصنع أجواءها الإعلامية والتبليغية كما يريد هو لا كما تريد السلطة. وهذا بالضبط ما كان يخشاه معاوية في حياته وقد حصل بعد موته مع ابنه يزيد الذي أصبح خليفةً للمسلمين.

يزيد يطلب البيعة من الإمام الحسين عليه السلام

أرسل يزيد بن معاوية رسالته إلى الوليد بن عتبة بعد موت معاوية فيها: "إذا أتاكَ كتابي هذا، فأحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فأضرب عنقيهما وأبعث إليّ برأسيهما، وخذ الناس بالبيعة فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم".

وكانت بيعة الإمام الحسين عليه السلام ليزيد تعني المشروعية والمصادقة على انتهاء الدين الإسلامي الحنيف وحلول الدين الأموي مكانه، إضافةً إلى تحول شكل الحكم الإسلامي إلى ملك وراثي.

كما أن قتله عليه السلام يعني التخلص من الخطر الأكبر الذي يمكن أن يكشف عدم مشروعية بيعة يزيد، وهذا يؤكد أن معاوية الداهية قد خطط لذلك وإن تظاهر بخلاف ذلك، كما حاول يزيد في ما بعد أن يلقي بالتبعة على ابن زياد.

فلما قرأ الوليد الكتاب استرجعَ وحوقل، وتمتم: "يا ويحَ الوليد بن عتبة من أدخله الإمارة! ما لي والحسين بن فاطمة"!. ويرجع السبب في كلمات الوليد هذه إلى ما يعرفه من مغبة المواجهة العلنية والعواقب الوخيمة التي سينجر إليها الحكم الأموي.

وبقي خبر موت معاوية سراً ولم يعرفه إلا الخواص من أتباع الحكم في محاولة لأخذ البيعة ليزيد من الإمام عليه السلام قبل الإعلان عن موت الخليفة، فأرسل الوليد إلى الإمام عليه السلام ليأخذ منه البيعة.

كان الوليد يرجعُ في أموره كارهاً إلى مروان بن الحكم الذي كان والياً قبله، وهما على خلافٍ شديد، فأرسل الوليد بإثر الإمام الحسين عليه السلام، فما كان منه عليه السلام إلا أن بعث إلى فتيانه وعشيرته ومواليه وأهل بيته وأعلمهم بشأنه:

"كونوا بباب هذا الرجل فإني ماضٍ إليه ومكلّمه، فإن سمعتم أن صوتي قد علا وسمعتم كلامي وصحت بكم، فادخلوا يا آل الرسول واقتحموا من غير إذن، ثم اشهروا السيوف ولا تعجلوا، فإن رأيتم ما تكرهون فضعوا سيوفكم ثم اقتلوا من يريد قتلي".

ثم خرج الإمام عليه السلام من منزله، وفي يده قضيب جده رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه وشيعته حتى أوقفهم على باب الوليد بن عتبة، وقال عليه السلام :

"انظروا ماذا أوصيتكم فلا تتعدوه وأنا أرجو أن اخرج إليكم سالماً إنشاء الله".

ثم دخل الإمام عليه السلام على الوليد فسلّم عليه فرد عليه رداً حسناً ثم أدناه وقربه، و مروان بن الحكم هنالك جالساً في مجلسه. فقال الإمام عليه السلام للوليد و مروان:

"أصلح الله الأمير والصلاح خير من الفساد، والصلة خير من الخشناء والشحناء، وقد آن لكما أن تجتمعا، فالحمد لله الذي ألف بينكما".

فلم يجيباه بشي‏ء.

فقال عليه السلام:

"هل أتاكم من معاوية كائنة خبر. فإنه كان عليلاً وقد طالت علته. فكيف حاله الآن؟!"

فتأوه الوليد وقال: يا أبا عبد الله، آجرك الله في معاوية، فقد كان لك عمّ صدقٍ، وقد ذاق الموت، وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد..

فقال الإمام:

"إنا لله وإنا إليه راجعون وعظم الله لك الأجر أيها الأمير. ولكن لماذا دعوتني؟"

فقال الوليد: دعوتك للبيعة فقد اجتمع عليه الناس.

فقال الحسين عليه السلام:

"إن مثلي لا يعطي بيعته سراً، وإنما أحب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة. ولكن إذا كان الغد ودعوت الناس إلى البيعة ودعوتنا معهم، فيكون أمرنا واحداً "

فأجابه الوليد: أبا عبد الله، لقد قلتَ فأحسنتَ القول، وأحببت جواب مثلك، وكذا ظني بك، فانصرف راشداً على بركة الله حتى تأتيني غداً مع الناس.

فقال له مروان: أيها الأمير، إنه إذا فارقك في هذه الساعة لم يبايع فإنك لن تقدر منه ولن تقدر على مثلها، فاحبسه عندك ولا تدعه يخرج أو يبايع وإلا فاضرب عنقه!

فالتفت إليه الإمام الحسين عليه السلام :

"ويلي عليك يا ابن الزرقاء! أتأمر بضرب عنقي! كذبت والله، والله لو رام أحد من الناس لسقيتُ الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرَمّ‏ِ ضرب عنقي إن كنتَ صادقاً!"

ثم أقبل الإمام الحسين عليه السلام على الوليد:

"إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب للخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله. ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة".

وسمع من بالباب الإمام فهمّوا بفتحه وإشهار سيوفهم، فخرج إليهم الإمام سريعاً وأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، وتوجه‏ عليه السلام إلى داره.

لقد فوت الإمام الحسين عليه السلام على السلطة المحلية فرصة قتله باصطحاب أهل بيته وشيعته ومواليه شاكين بالسلاح ليكونوا بانتظار الإشارة للتدخل في اللحظة الحاسمة.

وثارت ثائرة مروان على الوليد: عصيتني حتى أفلت الحسين من يدك، أما والله لا تقدر على مثلها أبداً، والله ليخرجن عليك وعلى أمير المؤمنين فاعلم ذلك.

فأجابه الوليد: ويحك! أشرت علي بقتل الحسين وفي قتله ذهاب ديني و دنياي ! والله ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها وإني قتلتُ الحسين بن علي، ابن فاطمة الزهراء، والله ما أظن أحداً يلقى الله بقتل الحسين إلا وهو خفيف الميزان عند الله يوم القيامة لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.

كان الوليد يعلم أن سلامة الحكم تنضوي في قتل الإمام الحسين عليه السلام سراً لا علانية. وسكت مروان الذي أراد أيضاً من خلال قتل الوليد للإمام التخلّص من الإمام عليه السلام بغضاً به من جهة، ومن أخرى ليدفع بارتكاب هذه الجريمة الفتنة في المدينة حسداً وحنقاً على الوليد لأنه شغل منصب الولاية بدلاً منه.

لقد احتاط الإمام لكل مكروه محتمل في هذا اللقاء وللامتناع عن أي قهر فيه بقوة عسكرية من أهل بيته، بل وأعلن عن خروجه وقيامه على يزيد في نفس هذا اللقاء. فقد أراد في إجابته على طلب الوليد بأن يُدعى إليها علناً مع الناس استثمار قوة واسعة وتأثير العامل الإعلامي و التبليغي في الاجتماع الجماهيري العام الذي تُدعى إليه الأمة في المدينة للبيعة عادة. ذلك أنه لو رفض بيعة يزيد أمام جماهير أهل المدينة وفضح أمام هذه الجموع الحاشدة حقيقة يزيد في فسقه واستهتاره، وحرّضهم على رفض البيعة ليزيد واستنهضهم للثورة ضده، وأعلن أمامهم عن قيامه وبيّن لهم ما هو عازم على النهوض به ودعاهم بما هو مأثور وشائع من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله يكون قد نزع عن النظام برقع التستر بالشرعية على أوسع نطاق ممكن.

قرار خروج الإمام عليه السلام من المدينة

بعد لقاء الإمام الحسين عليه السلام مع الوليد وإعلانه عليه السلام لموقفه الصريح أصبح الاحتمال قوياً في أن تقدم السلطة على اغتيال الإمام‏ عليه السلام، أو أن تقع مواجهة عسكرية في المدينة بين الإمام‏ عليه السلام وأنصاره من جهة وبين السلطة من جهة أخرى بسبب إصرار الحزب الحاكم ومخططيه وهو ما يكشف عنه موقف مروان وبالتالي إصرار يزيد الذي تجسد في أوامره المشددة للوليد بقتل الإمام الحسين عليه السلام في حال رفضه للبيعة.

واستباقاً لما هو متوقع الحدوث، قرر الإمام الخروج من المدينة بركبه إذ لم تعد مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله مأمناً له. وإذا كان قرار الخروج من المدينة خشية الاغتيال خوفاً على نفسه الشريفة، بقتله غيلةً أو في مواجهة مسلّحة، فالصحيح أيضاً في العمق أن هذا الخوف كان يقع ضمن إطار خوف أكبر، هو خوفه عليه السلام من أن تخنق ثورته المقدسة قبل اشتعالها بقتله في المدينة بظروف زمانية ومكانية و ملابسات مفتعلة، لذا كان حريصاً على أن يحقق مصرعه الذي كان لا بدّ منه ما لم يبايع في ظروفٍ زمانية ومكانية يختارها هو لا يتمكن العدو فيها أن يعتم على مصرعه ويستفيد منه فتخنق الأهداف المنشودة من وراء هذا المصرع الذي أراد منه أن يهز أعماق وجدان الأمة لتتحرك بالاتجاه الصحيح الذي أراده لها.

الإمام الحسين عليه السلام عند قبر جده وأمه وأخيه عليه السلام

في نفس الليلة التي كان فيها الإمام الحسين عليه السلام عند الوليد بن عتبة أتى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:

"السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيعوني، وإنهم لم يحفظوني، وهذه شكواي إليك حتى ألقاكَ صلى الله عليكَ وسلّم".

وأرسل الوليد، في نفس الليلة، بطلب الإمام عليه السلام فلم يجده في منزله فظنّه خرج من المدينة، وفي الصباح عندما كان الإمام‏ عليه السلام عائداً إلى منزله التقى بمروان بن الحكم، فدعاهُ الأخير للبيعة، فأكد الإمام عليه السلام على أن مبايعة يزيد هي القضاء على الإسلام بقوله لمروان:

"إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد".

ثم عادَ الإمام عليه السلام في نفس الليلة التي التقى فيها مروان إلى قبر جده زائراً فصلّى ركعتين ولما فرغ من صلاته جعل يقول:

"اللهم هذا قبر نبيك محمد وأنا ابن بنت محمد، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت. اللهم وأني أحب المعروف وأكره المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلا ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى".

وجعل يبكي حتى وضع رأسه على القبر فأغفى ساعة، فرأى النبي صلى الله عليه وآله قد أقبل مع ملائكة تحفّ‏ُ به حتى ضمّ الحسين عليه السلام إلى صدره وقبّله بين عينه وقال صلى الله عليه وآله:

"يا بُني يا حسين، كأني عن قريب أراك مقتولاً مذبوحاً بأرض كرب وبلاء من عصابة من أمتي، وأنتَ في ذلك عطشان لا تُسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، ما أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، فما لهم عند الله من خلاق. حبيبي يا حُسين؛ إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا عليّ، وهم إليك مشتاقون وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة..."

ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه الزهراء عليها السلام فصلّى عند قبرها وودعها، ثم قام وصار إلى قبر أخيه الحسن عليه السلام ففعل مثل ذلك.

لقاءات الوداع في المدينة

وفي غضون هذه الفترة الوجيزة، هُرع إلى الإمام عليه السلام رجال ونساء من بني هاشم ومن غيرهم يودعونه ويتزودون من رؤيته قبل الفراق، ورأته أم سلمة (رضي الله عنها) زوج النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا بُني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق، فإني سمعتُ جدّك يقول:

"يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء".

فقال لها الإمام عليه السلام :

"يا أماه، وأنا والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، وأني أعرف من يُقتل من أهل بيتي وقرابتي و شيعتي، وإن أردت
[/color:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الامام الحسين عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» استشهاد الامام علي (عليه السلام)
»  الامام علي بن ابي طالب عليه السلام
» الامام الحسن عليه السلام
» حياة الامام الصادق(عليه السلام)
» كم شخص معنا يعشق الامام علي عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ومضات محمدية :: المنتدى الاسلامي :: منتدى الامام الحسين عليه السلام-
انتقل الى: