منتديات ومضات محمدية
اهلا وسهلا بكم في منتديات الامام الحسن الزكي عليه السلام
منتديات ومضات محمدية
اهلا وسهلا بكم في منتديات الامام الحسن الزكي عليه السلام
منتديات ومضات محمدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتـــــــــــــــــــــــــــــدى اســـــــــــــــــــــــــلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالشات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» تهنئة بتتويج المهدي عجل الله فرجه
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالسبت يناير 11, 2014 3:04 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

»  زياره الامام الحسن العسكري عليه السلام
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالخميس يناير 09, 2014 11:01 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تعزية باستشهاد الامام الحسن العسكري
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالخميس يناير 09, 2014 10:22 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» قصيدة تقطع القلب | ها عباس !!! | سيد عبد الخالق المحنه | ليلة 7 محرم 1435
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 07, 2014 8:08 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» كيف تقضي على الخوف بذكر الله
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:34 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تاريخنا الهجري
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:31 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» عن لسان الامام الصادق
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالأحد يناير 05, 2014 2:20 am من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» تعزية بوفاة الرسول محمد (ص)
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 31, 2013 10:19 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

» بيــــــــان هـــــــــــام : رد الدكتــــور أبو الخيـر على جريدة فيتو...
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 12, 2013 8:38 pm من طرف مولاتي فاطمة الزهراء

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادم العترة الطاهرة
مدير المنتدى
مدير المنتدى
خادم العترة الطاهرة


عدد المساهمات : 48
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/07/2013

فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى Empty
مُساهمةموضوع: فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى   فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى I_icon_minitimeالسبت أغسطس 03, 2013 8:14 pm

فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى

عن الإمام الحسن العسكري عليه‌ السلام أنه قال: «نَحْنُ حُجج الله على خلقه، وجدّتنا فاطمة عليها‌السلام حُجّة الله علينا» [تفسير أطيب البيان: 13 / 226]
يعتبر هذا الحديث من الأحاديث المهمة التي وردت عن الإمام الحسن العسكري عليه‌ السلام، لذا ونحن نقف نستلهم الدروس العقائدية من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة لابد لنا أن نتأمل في هذا الحديث ونرى مدى مصداقيته في عالم الواقع والثبوت، وبعبارة أخرى هل لهذا الحديث وجه للاستدلال به في المحاورات العقائدية التي تخص حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌ السلام أم لا؟
وهل هناك وجه من الصحة بحيث تكون الصديقة الطاهرة عليها‌ السلام الحجة على الأئمة أم يتجاوز الأمر الىٰ أبعد من ذلك؟
وما هي الثمرة لهذا الحديث إذا ثبت له الواقعية والمصداقية ومدى تأثيره على الجانب العقائدي للفرد المؤمن؟
كل هذه الأسئلة نحتاج الوقوف عليها والتأمل فيها واستجلاء حقائقها وإدراك مغازي هذا الحديث العقائدي. وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث الذي سنقسمه إلىٰ ثلاث أمور أساسية وهي:

الأمر الأوّل: معنى الحجة؟
الأمر الثاني: شرعية الحجة.
الأمر الثالث: كيف كانت فاطمة عليها‌السلام حجة الله على الأئمة؟


الأمر الأوّل
معنى الحجة؟

وردت عدة تعاريف للحجة وماهيتها ولها عدة معاني لابد لنا من الوقوف عليها وعلى المعنى الذي يهمنا في المقام والذي من شأنه أن يبين معنى الحديث الشريف بحيث لا يبقى فيه أي إجمال وفي كل الجهات المبحوث عنها في المقام وجرت عادة أهل العلوم عندما يأتون إلى موضوع ما ويريدوا أن يعرفوه بأي تعريف كان فإنهم يعرفونه بالتعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي العلمي ونحن بمقتضى هذا الأمر نحذوا حذوهم في تعاريف الحجة.

1 ـ الحجة لغة:
كل شيء يصلح أن يحتج به على الغير وذلك بأن يكون به الظفر على الغير عند الخصومة معه والظفر على الغير على نحوين:

«أحدهما» إما بإسكاته وقطع عذره وإبطاله.
«والآخر» وإما بأن يلجئه على عذر صاحب الحجة فتكون الحجة معذرة لدى الغير والحجة هي الدليل والبرهان.
وقال الأزهري: إنما سميت حجة لأنها تُحَج أي تقصد لأن القصد لها واليها وكذلك معنى المحجة أي محجة الطريق وهي المقصد والمسلك [لسان العرب مادة حجة].

2 ـ وأما الحجة في الاصطلاح العلمي فلها معنيان أو اصطلاحان:

* ما عند المناطقة:
ومعناها «كل ما يتألف من قضايا تنتج مطلوباً» أي مجموع القضايا المترابطة التي يتوصل بتأليفها وترابطهما إلى العلم بالمجهول سواء كان في مقام الخصومة مع أحد أم لم يكن، وبحثنا من جهة هذا التعريف المنطقي سوف يكون بربط مجموعة من القضايا وتأليفها لكي تصل إلى العلم بالمجهول وهو كيف أصبحت فاطمة حجة على الأئمة بل على الأنبياء فضلاً عن الخلق كما سيتبين من خلال البحث.

* وهنالك معنىٰ للحجة لدى الأصوليين:
وهو «كل شيء يثبت متعلقه ولا يبلغ درجة القطع» أي لا يكون سبباً للقطع بمتعلقه، وإلاّ فمع القطع يكون القطع هو الحجة ولكن هو حجة بمعناها اللغوي أو قل بتعبير آخر «الحجة»: «كل شيء يكشف عن شيء آخر ويحكي عنه على وجه يكون مثبتاً له» [اُصول المظفر: 2 / 18].
ونعني بكونه مثبتاً له: إن إثباته يكون بحسب الجعل من الشارع لا بحسب ذاته فيكون معنى إثباته له حينئذ انه يثبت الحكم الفعلي في حق المكلف بعنوان انه هو الواقع، وإنما يصح ذلك ويكون مثبتاً له فبضميمة الدليل على اعتبار ذلك الشيء الكاشف الحاكي وعلى انه حجة من قبل الشارع.

كما تنقسم الحجة في المنطق إلى قياس وتمثيل واستقراء، والحجة ما يصح الاحتجاج به وما يحتج به المولى على العبد في مقام المنجزية ويحتج به العبد على المولى في مقام المعذرية، ثم الحجة تنقسم بالتقسيم الاولي إلى عقلية وشرعية، والاولى هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب، والثانية هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب، والثانية هي التي يصح الاحتجاج بها في الأمور الشرعية، أي ما يصح التعويل عليها في الفتاوى للفقيه، فهي بصورة خاصة وبين الحجتين نسبة العموم المطلق، فكل شرعية عقلية ولا عكس فان الحاكم بصحة الحجة هو العقل وكل واحد من القسمين ينقسم إلى حجة إلزامية وإلى حجة إرشادية والاولى بمعنى ما يجب عند العقل التعويل عليه والإلزام بما تقتضيه نفس الحجة والثانية ما يجوز التعويل عليه والإرشاد ويكون من خواصها.

فالحجج الإلزامية العقلية كالبراهين الدالة على المبدأ والمعاد والنبوة الخ والحجج الإرشادية العقلية كإخبار العالم ورأي المتخصص وقول الخبير وتصير إلزامية عند الرجوع إليها والتعويل عليها والحجج الإلزامية الشرعية كالأنبياء وأوصيائهم المعصومين فإنهم حجج الله ويجب الأخذ بأقوالهم وأفعالهم وتقريرهم والذي يعبر عنها القول والفعل والتقرير بالسنّة [هذا التقسيم استفدناه من درس أستاذنا آية الله السيد عادل العلوي حفظه الله (خارج الفقه) ـ الاجتهاد والتقليد]، وفيما نحن فيه من معرفة معنى الحجة يفيدنا في المقام الحجة لغة ومنطقا لكونهما يوصلان بالقطع بأمر بحيث يصلح أن يحتج به على الغير سواء في الدنيا أو الآخرة، وعلى ضوء الاستدلالات العقلية البرهانية.
وعلى ضوء التعاريف المتقدمة يكون قد لاح لنا مفهوم آخر غير الحجة وهو المحجة، والحجة تبين لك معناها من التعاريف المتقدمة، أما المحجة فهي المسلك والطريق الذي يتوصل به إلى الغيروالمحجة هي الطريق السليم الذي لا إعوجاج فيه، فلقد ورد في هذا المعنى عن الإمام جعفر الصادق عليه‌ السلام انه قال وسمع كثيراً يردد هذا القول:

علمُ الحجة واضح لمريده ** وأرى القلوب عن المحجة في عمىٰ
وقد عجبت لهالك ونجاته ** موجودة ولقد عجبت لمن نجىٰ

الأمر الثاني
شرعية الحجة

هناك عدة احتجاجات وردت في القرآن الكريم قد اثبتها الله تبارك وتعالىٰ لنبيه محمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ولانبياءه المرسلين من الاولين والاخرين لكي يحتجوا بها على الناس المشككين أو الناكرين للرسالة أو النبوة أو النبي ومعاجزه وكراماته، ولقد بيّن الله تعالىٰ في كتابه الشريف بعض الايات التي نستفيد من خلالها ان الله تعالى يحتج يوم القيامة بالانبياء على الناس وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ... إلى قوله تعالى ... رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
ومن جهة اخرى ورد في القرآن الكريم بعض الاحتجاجات بين الكافرين في ما بينهم في النار حيث جاء قوله تعالى (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ).

وكذلك نجد قوله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ). جاء ليؤكد حقيقة النصارىٰ وطلبهم من الرسول الاحتجاج حول مسألة عيسىٰ ابن مريم وكيف واجههم الرسول الاكرم صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بقضية المباهلة التي خسروا فيها والقي ما في أيديهم من الحجة التي كانوا يحتجون بها على الرسول صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم.

وكثيرةٌ هي الاحتجاجات الموجودة في القرآن الكريم والتي جاءت بعضها لكي تثبت اعجاز القرآن الكريم واخرىٰ لتبين احتجاجات ابراهيم مع قومه واخرىٰ تثبت احتجاجات الرسول مع قومه وهكذا لئلا يكون للناس على الرسول المرسل الحجة البالغة، ولذا نجد أميرالمؤمنين علي عليه‌ السلام يقول في معرض بيان ان العباد لابد لهم ان يتعظوا وينتفعوا بحجج الله تعالىٰ فانه لا ينفع أي شيء يوم القيامة إلا الإيمان المقرون بالولاية والعمل الصالح.

«انتفعوا ببيان الله واتعظوا بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله فان الله قد أعذر إليكم بالجلية وأخذ عليكم الحجة وبين لكم محابّه من الاعمال ومكاره منها لتبتغوا هذه وتجتنبوا هذه».

ويعني هذا أن العباد لابد لهم من الانتفاع من العلم المقرون بالعمل الصالح وإلاّ العلم وحده ليس فيه فائدة ولابد للعباد أن يستفيدوا من المواعظ ليتعظوا بها في مقام العمل، ومع ذلك نجد في كثير من الروايات الشريفة مسألة الاحتجاج البالغ من الله تعالىٰ حيث سئل الإمام الصادق عليه ‌السلام عن قوله تعالىٰ (فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) فأجاب عليه‌ السلام: «قال إذا كان يوم القيامة قال الله تعالىٰ للعبد أكنت عالماً؟ فان قال نعم. قال: أفلا عملت بما علمت وان قلت كنت جاهلاً قال له: أفلا تعلمت؟ فتلك الحجة البالغة لله تعالى».
وهنا ينقدح سؤال مهم قد يرد في ذهن الكثير من المؤمنين وهو هل كل الناس يحتج عليهم الله تعالىٰ يوم القيامة على ضوء هذا الحديث الشريف؟
والجواب على ذلك أنه ليس كل الناس يحتج عليهم الله تبارك وتعالىٰ يوم القيامة بل هناك عنق من الناس لا يسئلون ولا يحاسبون ومنهم المجنون الفاقد عقله، أما الأطفال الذين لم يبلغوا سن التكليف الشرعي وماتوا فانهم يلحقون بآبائهم وعلى ما ورد في قوله تعالىٰ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ). حيث قال العلامة المجلسي حول هذه الآية المباركة:
«اعلم انه لا خلاف بين أصحابنا في أن الأطفال المؤمنين يدخلون الجنة وذهب المتكلمون منا الىٰ أن أطفال الكفار لا يدخلون النار فهم إما يدخلون الجنة أو يسكنون الأعراف وذهب أكثر المحدثين منا الىٰ ما دلت عليه بعض الأخبار الصحيحة من تكليفهم في القيامة بدخول النار المؤججة لهم؟ فيكون من يستجيب يدخل الجنة ومن لا يستجيب يدخل النار».

وعلى ضوء الإحتجاجات الواردة في الكتب المعتبرة روي ان هناك احتجاج لطيف بين أميرالمؤمنين وأحد اليهود حيث قال للإمام علي عليه‌ السلام، ما صبرتم بعد نبيكم إلا خمس وعشرين سنة حتى قتل بعضكم بعضاً.
فقال له عليه‌ السلام: بلى ولكن ما جفَّ ـ جفَّت ـ أقدامكم من البحر حتى قلتم: يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. وهناك الكثير من الاحتجاجات المهمة التي وردت في القرآن الكريم وفي الكتب المعتبرة كل ذلك لما للحجة من أمر مهم في إثبات المدعى على الخصم الناكر مثلا أو السالب للحق، والثمرة في ذلك كله من القرآن الكريم ومن الكتب الصحيحة لكي يستنير البشر بنور الحجة الربانية وليستفيدوا منها ويتعظوا بالمواعظ الربانية هذا معنى الحجة وماهية الاحتجاجات والتأكيد عليها من قبل الله تعالى.

وعلى هذا الأساس تكون شرعية الحجّة ثابتة على ضوء القرآن الكريم والسنة والعقل ولا نريد الدخول كثيراً في هذا الأمر بل اشرنا في بعض موارده فلقد جعل الله تعالى للحجة شرعية ذاتية تلزم الغير على ضوء مقتضاها العمل بها حيث جاء قوله تعالى (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) أي جعلنا لهم بالجعل التكويني ان يكونوا ائمة يقصدون في كل شيء والإمام المعصوم هو الذي يحتج به على الغير فهو حجة على الناس جميعا وإلاّ كيف يكون امام يقصد ويحتج به ومن هذا المنطلق تكون فاطمة الزهراء عليها‌ السلام حجة على الأئمة عليهم‌ السلام كحجة الزامية شرعية فيجب من جهة الله تعالى الأخذ باقوالها وافعالها والله تبارك وتعالى هو الذي جعل لها الحجية على الخلق بما فيهن الأئمة عليهم‌ السلام وهذا القول بصورة اجمالية اما كيف كانت حجة بالمعنى التفصيلي فهذا ما يحتاج بيان مقدمات وامور توصلنا إلى هذه النتيجة وهذا ما سنبحثه في الأمر الثالث ان شاء الله.


الأمر الثالث
كيف كانت فاطمة عليها‌ السلام حجة على الأئمة؟

وهذا يتوقف على بيان أمرين:

الأوّل: إن من أهم المسائل الأساسية في العقيدة الإسلامية والتي تؤخذ حيزا كبيراً، على المستوى الدراسي سواء النظري أو الفكري هي مسألة ضرورة بعثة الأنبياء، وهذه المسألة العقائدية المهمة تأخذ ضروريتها من عدة عوامل تكون الحجر الأساسي لهذه الضرورة، فالإنسان لم يخلق عبثاً (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) بل خلق الإنسان لهدف وهو السير في طريق تكامله من خلال ممارسة الأفعال الاختيارية القادر عليها وكل ذلك لأجل التوصل إلى كماله النهائي هذا الكمال الذي لا يتوصل إليه إلاّ باختياره وانتخابه. على أن الاختيار الصحيح والواعي بكل ما يمتلكه الإنسان من شعور وقدرة على أدائه يحتاج أيضاً إلى المعرفة الصحيحة للأعمال الحسنة والأعمال القبيحة والطرق الصالحة وغير الصالحة، وإنما تمكن الإنسان من اختيار طريق تكامله بكل حرية ووعي فيما لو كان يعرف الهدف وطريق الوصول إليه، وكان عارفاً بكل العقبات والعراقيل والانحرافات والمزالق. إذن فمقتضى الحكمة الإلهية أن توفر للبشر الوسائل والمستلزمات الضرورية للحصول على مثل هذه المعارف والمدركات وإلاّ فيكون حاله مثل الشخص الذي يدعوا ضيفاً إلى داره ثم لا يدله على موضعه ولا على الطريق المؤدي إليه ومن البديهي أن مثل هذا العمل مخالف للحكمة. علىٰ أن المعارف والمدركات البشرية العادية والمتعارفة والتي يحصل عليها الإنسان نتيجة التعارف بين الحس والعقل وان كان لها الدور الفاعل في توفير ما يحتاج إليه في حياته ولكنها لا تكفي في التعرف علىٰ طريق الكمال والسعادة الحقيقية في جميع المجالات الفردية والاجتماعية والمادية والمعنوية والدنيوية والأخروية، وإذا لم يوجد طريق آخر لسد النقائص والفجوات فلن يتحقق الهدف الإلهي من خلق الإنسان، وبملاحظة هذه الأمور المهمة من هدف خلق الإنسان ومعرفته لطريق الخير والشر ومحدودية مداركه الحسية والعقلية، نتوصل الىٰ نتيجة مفادها: أن الحكمة الإلهية تقتضي وضع طريق آخر للبشر ـ غير الحس والعقل ـ من أجل التعرف على مسار الكمال في كل المجالات حتى يستطيع البشر من الاستفادة منه مباشرة أو بواسطة فرد آخر أو أفراد آخرين وهذا الطريق هو إرسال الأنبياء والمرسلين عبر طريق الوحي الذي يستفيد منه البشر ويتعلموا منه كل ما يحتاجون إليه من أجل الوصول إلى السعادة والكمال النهائي. وعلى هذا الأساس شاءت قدرة الباري عزوجل ومن جهة اللطف الرباني ومن جهة اللاعبثية في خلق البشر أن يرسل الأنبياء والمرسلين إلى البشر لهدايتهم وتوضيح معالم طريق التكامل لهم وعلىٰ ما تتحمله قدرتهم في التكليف الرباني كل ذلك لئلا يقول الناس يوم القيامة (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى).

ولكن قبل إرسال الأنبياء لابد من طريق لاختيارهم من البشر عامة، وهذا الاختيار أو ما يعبر عنه بالاصطفاء أو الاستخلاص لا يكون إلا عن حكمة اقتضت ذلك فان الحكيم لا يفعل إلا ما تقتضي الحكمة لوجود ذلك الشيء، فالاصطفاء والاختيار من قبل الله تعالىٰ تارة يكون للأنبياء، وأخرى للأوصياء وللأولياء والصلحاء والعلماء وهكذا أما كيفية الاصطفاء والاختيار، فذلك ما يكون عن طريق الاختبار والامتحان الذي يتعرض له الأنبياء لاصطفائهم للنبوة وتحمل مشاقها، فالامتحان والاختبار يخرج الطاقات الكامنة في النفس البشرية، ونضرب مثال على ذلك من الحياة العرفية للبشر، فأنت عندما تريد أن تختار أو ترسل من ينوب عنك في قضية معينة فانه يقيناً لا تختار ولا ترسل إلا من كانت له القابلية والاستعداد على تحمل ما تؤديه إليه وله الاستعداد وأيضا على تمثيلك في تلك القضية ولا ترسل أياً كان فان المردود يكون عليك سلبياً إذا كان الشخص المختار سلبي في تصرفاته وايجابياً إذا كان المختار ايجابياً في تصرفاته وأفعاله ما يؤديه عنك، أما كيفية هذا الاختيار في الشخص الذي سوف يمتلك فهذا ما سيكون عن طريق التجربة والامتحان والاختبار خلال مسيرة حياتك مع ذلك الشخص الذي سينوبك في المهام والذي تريد أن تؤهله للقيام بأعمالك مثلا أو التبليغ لك فأنت ترىٰ من خلال معاشرة ذلك الشخص مدىٰ التزامه بتعليماتك وبعد النجاح في هذه الأمور تستخلصه لنفسك وتختاره وكيلا عنك ينوب عنك في هذه الأمور المهمة، كذلك الحال مع الله تعالى باعتباره سيد العقلاء بل هو خالق العقل والعقلاء فهو عند ما يريد إرسال رسول أو نبي لابد له من الامتحان قبل الاصطفاء والاختيار وهذا ما نجده من خلال استقراء آيات القرآن الكريم حيث يوجد عدة شواهد علىٰ هذه المسألة كما في قضية نبي الله إبراهيم عندما اختاره الله أولا نبياً وبعد ذلك خليلاً وبعد ذلك إماما فانه لم ينال الإمامة إلا بعد التعرض للامتحانات والاختبارات من قبل الله تعالى وفي ذلك يقول الله تعالى في قصة إبراهيم (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ...) حيث كلف الله سبحانه وتعالىٰ نبيه إبراهيم عليه‌ السلام بتكاليف شتىٰ فكانت النتيجة أن إبراهيم أتم هذه التكاليف وامتثلها وأطاع الله تعالىٰ ومن هذه التكاليف قضية ذبحه لولده إسماعيل (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) وقد وصف الله تعالىٰ ابراهيم عليه‌ السلام بالوفاء حيث قال تعالىٰ (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ). والخلاصة على ما ورد عن الإمام الصادق عليه‌ السلام انه قال:إن الله ابتلى إبراهيم بذبح ولده إسماعيل فعزم علىٰ ذلك ... أما معنىٰ قوله فأتمهن ـ فهو يعني الاستجابة والطاعة لأوامر الله تعالى ولذا استحق الإمامة التي هي منزلة عظيمة، جزاءً لإخلاصه ونجاحه في الامتحانات التي تعرض لها.

وهكذا الحال مع جميع الأنبياء حيث اختبرهم الله تعالى قبل اصطفائهم وكان الباري عزوجل عالماً بالأنبياء أنهم أوفياء له وملتزمين لأوامره وشروطه لذلك اصطفاهم.

الثاني: إنّ الله تعالىٰ عندما اصطفىٰ واستخلص الأنبياء كان ذلك بعد أن شرط عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لله تعالى ذلك وعلم الله تعالىٰ منهم الوفاء بذلك.
أما السؤال الذي يطرح في ما نحن فيه هو لماذا طلب وشرط الله تعالىٰ من الأنبياء الزهد في حب الدنيا؟
والجواب على ذلك: انه من الملازمات العقلية لحب الدنيا هو إعمال السيئات والذنوب وذلك للارتباط الوثيق بين حب الدنيا والذنوب فكلما ازداد حب الإنسان للدنيا إزدادت ذنوبه وكما ورد في الحديث الشريف أن «حب الدنيا رأس كل خطيئة» فإذا لم يكن حب الدنيا له وجود في حياة الإنسان فسوف تكون النتيجة مفادها: أن الإنسان سوف يبتعد عن الذنوب بقدر ابتعاده عن حب الدنيا، وما نحن فيه فان إعمال الشرط من الله تعالىٰ علىٰ الأنبياء بالزهد في حب الدنيا سوف تكون من نتائجه ان يتركوا الدنيا والتعلق بها كذلك لا يعملون الذنوب والمعاصي وبالنتيجة النهائية سيكونون معصومين بالعصمة الذاتية التي تكون ملازمة لهم من جهة لطف الله تبارك وتعالىٰ إضافة إلى الضرورة الربانية اقتضت ذلك أيضا. أمّا لماذا إشترط الزهد في حب الدنيا وما حاجة العصمة للأنبياء، فهذا ما يكون الاحتياج إليه بصورة ضرورية ومؤكد ولإحتياج الأنبياء العصمة في مقام التبليغ للرسالة السماوية بل مطلق العصمة لهم، ولئلا يكون للناس الحجة البالغة على الله تعالى، والعصمة لا تأتي مع حب الدنيا. اما الدليل على هذا الكلام فناهيك عن القرآن الكريم والروايات الواردة في المقام التي تدل على المطلب بل هناك الدليل العقلي على ذلك، اما الدليل الذي نقوم بالاستدلال به فهذا ما أثبته دعاء الندبة الشريف حيث ورد فيه. «اللهم لك الحمد علىٰ ما جرىٰ به قضاؤك في أولياؤك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك إذ أخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقربتهم وقدمت لهم الذكر العلي والثناء الجلي واهبطت عليهم ملائكتك وكرمتهم بوحيك ورفدتهم بعلمك وجعلتهم الذريعة اليك والوسيلة الى رضوانك ... الخ».

اذن بعد الإمتحان والاختبار والمشارطة من الله تعالىٰ بترك حب الدنيا والزهد فيها وبعد العلم من الله بهم بانهم أوفياء كانت النتيجة النهائية لهذا الامتحان والإختبار وهي:

1 ـ الاستخلاص والاصطفاء.
2 ـ القبول من الله تعالىٰ لهم.
3 ـ الذكر العلي والثناء الجلي للأنبياء «أي قدم اليهم ذلك».
4 ـ انزال الوحي عليهم.
5 ـ كانوا الحجج علىٰ الخلق من قبل الله تعالىٰ.

اما لماذا الاستخلاص والاصطفاء وتقديم هذه الامور للانبياء عليهم‌ السلام؟ فنقول:

ان هذا كله لكي يكون:
* إقامة للدين «إقامة لدينك» أي تقديم واقامة النظام والاكمل للبشرية.
* ولئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطن علىٰ أهله.
* ولئلا يقول أحد لولا أرسلت الينا رسولا منذراً واقمت لنا علماً هادياً فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى.

هكذا كان الامتحان والاختبار بالنسبة للانبياء بحيث زهدوا في حب الدنيا فكانوا من المقربين لدى الله تعالىٰ.

أما ما علاقة هذه الامور بكون فاطمة حجة علىٰ الأئمة؟


فنقول: نحن عندما نزور الأئمة عليهم‌ السلام بالزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي عليه‌ السلام باعتبار انها جامعة لكل الفضائل والدرجات والمقامات للأئمة عليهم‌ السلام لا تزور بها فاطمة عليها‌ السلام؟ لماذا؟ لانها لها زيارة مخصوصة وهي زيارتها يوم الاحد من كل أسبوع حيث تقول هذه الزيارة «السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل ان يخلقك وكنت لما إمتحنك صابرة».

اذ نفهم من هذه الزيارة المخصوصة امتحان الزهراء عليها‌ السلام قبل خلقها، لاظهار مقامها حيث امتحنها فكان لها المقام السامي فأصبحت الصابرة، والمعروف ان الامتحان يُمتحن به الإنسان ليعرف مدى استعداداته وقابلياته «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان» وكذلك عرف الامتحان ليكون لزيادة منزلة ولاسباب أخرى، وهذا ما جرىٰ مع فاطمة الزهراء عليها‌ السلام حيث امتحنها الله تعالىٰ لكي تكون حاملة لشيء إقتضت إرادة السماء وذلك نتيجة لنجاحها في الامتحان حيث اسحقت لقب الصابرة، اما ماهية هذا الامتحان وعلىٰ أي موضوع جرىٰ امتحان الزهراء عليها‌ السلام من قبل الله تعالىٰ فهذا ما نتركه الىٰ بحث آخر ان شاء الله.

ولكن المهم فيما نحن فيه هو ان الله تعالى وجدها صابرة وهذا من المقامات العالية فنحن نعلم، ان من ألقابها الصابرة، والصبر مقام سامي، اما معرفة علو شأن هذا المقام فهذا نراه من خلال القرآن الكريم، حيث أثبت الله تعالىٰ الثواب لكثير من الفضائل الموجودة في القرآن أما الصبر والصابر فان اجرهم غير محدود وهذا ما نجده في قوله تعالىٰ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) يعني أنه لا يوجد أجر محدود للصابر وللصبر بل أجره مفتوح وهذا يؤدي الىٰ ان الصبر يكون في اعلىٰ مقامات الفضائل الاخلاقية، ومن هنا كان الصبر أم الاخلاق بل هو أفضلها واحسنها في كل شيء فما من شيء إلاّ ومقرون الصبر معه فالصلاة مقرون بالصبر عليها والطاعة كذلك والإيمان لابد من الصبر عليه لاثباته على النفس الانسانية ولذلك جعل الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد كما ورد في الحديث الشريف ذلك، فاذا كان الصبر هكذا مقامه فانه سوف يكون الاساس لكثير من الاخلاق، فلذا كان الزهد فرع من الاصل والام الذي هو الصبر وليس العكس صحيح فالزاهد لا يكون زاهداً حتى يصبر ويُصبر نفسه علىٰ ترك الدنيا وزخرفها واموالها وكل شيء يؤدي به الىٰ الزهد، ومن هنا كان بيت القصيد وهو ان الزهراء حجة على الأنبياء من جهة صبرها في عالم الغيب والشهادة وصبرها في الدنيا على ما جرىٰ عليها من المحن والظلم، وكذلك كانت الحجة علىٰ الأنبياء كما شهدت الكثير من الروايات الشريفة، وكما سيأتي بعد قليل رواية مهمة تثبت هذه الفضيلة للزهراء، وهذا أيضاً ما أثبتته الشواهد فنحن نجد ان الكثير من الأنبياء كانوا يدعون الله تعالىٰ أن يطوّل عمرهم وهذا بخلاف فاطمة الزهراء عليها‌ السلام حيث كانت مستبشرة عندما أخبرها النبي الأعظم محمد صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم انها أول أهله لحوقاً به وهذا ما ذكره العلامة الاردبيلي رحمه‌ الله في فضيلتها من جهة كونها تحب الموت ولا تكرهه حيث قال العلامة الاردبيلي ما نصه:

ان الطباع البشرية مجبولة علىٰ كراهة الموت مطبوعة علىٰ النفور منه، محبة للحياة، مايلة اليها، حتىٰ الأنبياء عليهم‌ السلام علىٰ شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه. وقصة آدم عليه‌ السلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة.

قيل: انه وهب داود عليه‌ السلام حيث عرضت عليه ذريته أربعين سنة من عمره ***ا استوفىٰ أيّامه وحانت منيّته وانقضت مدة أجله وحمَّ حمامه جاءه ملك الموت يقبض نفسه التي هي وديعة عنده *** تطب بذلك نفسه وجزع وقال: أن الله عرفني مدة عمري وقد بقيت منه أربعون سنة، فقال: إنك وهبتها ابنك داود فأنكر أن يكون ذلك، قال النبي محمد صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم: فجد فجهدت ذرَّيتَّه.

ونوح عليه‌ السلام كان أطول الأنبياء عمراً، أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ***ا دنا أجله قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ فقال: كدار ذات بابين دخلت في باب وخرجت من باب. وهذا يدل بمفهومه علىٰ انه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقته.

وابراهيم عليه‌ السلام: روي أنه سأل الله تعالىٰ أن لا يميتهُ حتىٰ يسأله عليه‌ السلام ***ا استكمل ايامه التي قُدِّرت له خرج فرأى ملكاً على صورة شيخ فانٍ كبير قد أعجزه الضعف وظهر عليه الخراف «أي فساد العقل من الكبر» ولعابه يجري على لحيته وطعامه وشرابه يخرجان من سبيله عن غير اختياره، فقال له: يا شيخ كم عمرك؟ فأخبره بعمر يزيد علىٰ عمر ابراهيم بسنة، فاسترجع وقال: أنا أصير بعد سنة الىٰ هذه الحال فسأل الموت. فهؤلاء الأنبياء ممن عرفت شرفهم وعَلاء شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة وقد عرفوا ذلك وابت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة. وفاطمة عليها‌ السلام امرأة حديثة عهد بصبىٰ ذات أولاد صغار وبعل كريم لم تقض من الدنيا إرباً «أي حاجة» وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها يعرّفها أبوها أنها سريعة اللحاق به فتسلوا موت أبيها صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم وتضحك طيّبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها، فرحة بالموت مايلة إليه مستبشرة بهجومه مسترسلة عند قدومه وهذا أمر عظيم لا تحيطه الالسن بصفته ولا تهتدي القلوب الىٰ معرفته وماذاك إلا لأمر علّمه الله من أهل البيت الكريم وسراً وجب لهم به مزيّة التقديم فخصهم بباهر معجزاته وأظهر عليهم آثار علائمه وسماته وايدهم ببراهينه الصادقة ودلالاته، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
[كشف الغمة: 1 / 355].

جوهرةُ القدس من الكنز الخفي ** بدت فأبدَتْ عاليات الأحرف
وقد تجلىٰ في سماء العَظَمة ** من عالم الاسماء أسمىٰ كلمة
بل هي أمُ الكلمات المحكمة ** في غيب ذاتها نكاتٌ مبهمة
أمُّ الأئمة العقول الغُرِّ بل ** أُمُّ أبيها وهو علةُ العللْ
[الانوار القدسية: للمرحوم الشيخ محمد حسين الاصفهاني]

أليس ذلك من الفضائل العالية حيث كانت الزهراء عليها‌ السلام حجة علىٰ الأنبياء باعتبار صبرها وفضلها. أما كونها عليها‌ السلام حجة على الأئمة كما هي حجة علىٰ الأنبياء فهذا ما يتبين لنا من خلال عدة أحاديث مأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم‌ السلام، منها ما ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول اللهصلىالله عليهه وآلهه وسلم، عن الله تبارك وتعالىٰ انه قال: «يا أحمد، لولاك ما خلقت الأفلاك، ولولا عليّ لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما».
[الجنة العاصمة: 148، مستدرك سفينة البحار: 3 / 334، عن مجمع النورين: 14]

أمّا الدليل الثاني: فنقول انه ورد في الحديث الشريف المأثور عن أهل بيت العصمة عليهم‌ السلام ما نصه «انه ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتىٰ أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرىٰ وعلىٰ معرفتها دارت القرون الاولىٰ».
[البحار: 43 / 105]

يعني ما تكاملت نبوة نبي ـ والنبوة خلاصة التوحيد ـ إلا لمن أقر بفضلها ومحبتها والإقرار هو الشهادة على النفس والاعتراف منها للغير واقرار العقلاء على انفسهم جائز، فهذه شهادة من الأنبياء لها بالفضل والمحبة والفضل يعني انها كانت لها زيادة في الفضائل على الأنبياء بل هي صاحبة الفضل عليهم بانه لم تكتمل نبوة نبي إلا بها عليها‌ السلام.

وفي ذيل هذا الحديث اعلاه يقول المحقق البارع أبو الحسن النجفي ما نصه: ان المراد من القرون هي قرون جميع الأنبياء والأوصياء وأمم من ادم فمن دونه حتى نفس خاتم الأنبياء صلى ‌الله ‌عليه‌وآله ‌وسلم أجمعين، يعني ما بعث الله عزوجل أحداً من الأنبياء والأوصياء حتى أقروا بفضل الصديقة الكبرىٰ ومحبتها. ويؤيده ما ذكره السيد هاشم البحراني صاحب تفسير البرهان في مدينة المعاجز عنه عليه‌ السلام ما تكاملت النبوة لنبي حتىٰ أقر بفضلها ومحبتها.
[ملتقىٰ البحرين: 40]

وأيضاً ما ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن ابي عبد الله عليه‌ السلام قال: قلت لم سميت فاطمة الزهراء «زهراء»؟ فقال: لأنّ الله عزوجل خلقها من عظمته ... الىٰ ان يقول الله تعالىٰ للملائكة في ماهية نور فاطمة ما نصه .. فأوحىٰ الله إليهم: هذا نور من نوري اسكنته في سمائي، خلقته من عظمتي، أُخرجه من صلب نبي من انبيائي أفضله علىٰ جميع الأنبياء وأخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري يهدون الىٰ حقي واجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحي.
[البحار: 43 / 19]

وعن أبي عبد الله عليه‌ السلام انه قال: لولا ان أمير المؤمنين عليه‌ السلام تزوجها لما كان لها كفوء الىٰ يوم القيامة علىٰ وجه الأرض آدم فمن دونه.
[البحار: 43 / 10 و 11]
ولقد علق علىٰ هذا الحديث الشريف صاحب كتاب البحار العلامة المجلسي رحمه‌ الله حيث قال: يمكن ان يستدل به ـ أي بالحديث أعلاه علىٰ كون علي وفاطمة عليهما‌ السلام أشرف من سائر أولي العزم سوى نبينا صلى الله عليهم أجمعين. لا يقال: لا يدل علىٰ فضلهما علىٰ نوح وابراهيم عليهما‌السلام لاحتمال كون عدم كونهما كفوءين لكونها من أجدادها عليها‌ السلام. لأنا نقول: ذكر آدم عليه‌ السلام يدل علىٰ أن المراد عدم كونهم أكفاءها مع قطع النظر عن الموانع الاخر علىٰ انه يمكن أن يتشبث بعدم القول بالفصل.
[البحار: 43 / 10 ـ 11]

وأيضاً هناك حديث يدل علىٰ أفضلية فاطمة الزهراء علىٰ الأنبياء وعلىٰ جميع البشر حيث ذكر المحدث الكبير العلامة الخبير الطبرسي رضي ‌الله ‌عنه: عن أبي جعفر عليه‌ السلام: ولقد كانت عليها‌ السلام مفروضة الطاعة علىٰ جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحوش والأنبياء والملائكة.
[دلائل الإمامة: 28]

ونقف مع وجه آخر قد يمكن أن نثبت من خلاله حجية فاطمة عليها‌ السلام علىٰ الأئمة، وهو ما نستفيده من خلال الحديث المذكور في كون علي عليه‌ السلام كفواً لفاطمة الزهراء عليها‌ السلام، حيث ورد في الحديث المذكور عن النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم «لولا علي لم يكن لفاطمة كفو».
[مصباح الأنوار: 133، كشف الغمة 1 / 472، فردوس الأخبار: 3 / 418 ح 517]

وأيضاً ورد عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم: لولا يخلق عليّاً لما كان لفاطمة كفو.
[ينابيع المودة: 177، 181]

وهذا يعني أن أكثر المقامات التي كانت للإمام أمير المؤمنين علي عليه‌ السلام هي ثابتة للصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها‌ السلام، فهما في منزلة واحدة من الإيمان والتقوى، وإلاّ لما كان كل منهما كفواً للآخر؟ وعليه تكون فاطمة حجة علىٰ الأئمة عليهم‌ السلام كما كان أمير المؤمنين عليه‌ السلام الحجة علىٰ الأئمة عليهم‌ السلام، فلقد ورد في عدة أحاديث أن علي عليه‌ السلام سيد الأوصياء وخيرهم وأفضلهم لذا كان النبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم يقول: «منا خير الأنبياء وهو أبوك ـ والكلام مع فاطمة عليها‌ السلام ـ ومنا خير الأوصياء وهو بعلك».
[ينابيع المودة: 436، منتخب الأثر: 192]

وفي حديث آخر عن أميرالمؤمنين أنه قال: «والله لأتكلمن بكلام لا يتكلم به غيري إلا كذاب: ورثت نبي الرحمة، وزوجتي خير نساء الأمة، وأنا خير الوصيين».
[البحار: 43 / 143]

والذي نريد القول به من هذا الكلام أن الإمام علي عليه‌ السلام كان خير الأوصياء وافضلهم فلقد ورد في شرح نهج البلاغة في أن أميرالمؤمنين كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة. قال ابن أبي الحديد: وما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده ان يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه، وتمر علىٰ صماخيه يميناً وشمالاً فلا يرتاع لذلك فلا يقوم حتىٰ يفرغ من وظيفته، وما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة بعير لطول سجوده، وإذا تأملت دعواته ومناجاته وقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه واجلاله وما يتضمنه من الخضوع لهيبته، والخشوع لعزته والاستخذاء له، عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص، وفهمت من أي قلب خرجت وعلىٰ أي لسان جرت، وقيل لعلي بن الحسين عليهما‌السلام وكان الغاية في العبادة: أين عبادتك من عبادة جدك؟ قال: عبادتي من عبادة جدي كعبادة جدي من عبادة رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم.
[شرح نهج البلاغة: 1 / 10]
فيظهر من هذا الحديث وأحاديث أخرى أن الإمام علي بن أبي طالب عليه‌ السلام كان متميز عن باقي الأئمة عليهم‌ السلام من ناحية مدىٰ تصديه لشؤون الإمامة والولاية وتحمل المشاق للدفاع عن حريم الرسالة المحمدية، وإلاّ فالأئمة عليهم‌ السلام جميعاً من ناحية الانوار متحدين فهم كلهم نور واحد ولكن الاختلاف كان من جهة تصديهم لشؤون الخلافة والمشاق التي تحملوها، وعليه تكون الصديقة الزهراء عليها‌ السلام كفو للامام أمير المؤمنين فهي أم الأوصياء وروح النبوة وبضعة الرسول، وزوجة خير الأوصياء. وعلى ضوء هذه الاحاديث وعلى أساس أحاديث أخرىٰ اغمضنا النظر عليها لئلا يطول المقام بنا، كانت فاطمة الزهراء وبدليل الاولوية وفحوىٰ الخطاب الحجة علىٰ الأنبياء والأئمة، ونقول ليس فقط ما تكاملت نبوة نبي فحسب بل ما تكاملت الإمامة في امامتها ولا تكامل العلماء في علمهم وإلاّ الادباء في أدبهم والحكماء في حكمهم والاتقياء في تقواهم وكل كامل في كمال حتىٰ يقر بفضلها ويؤمن بمحبتها فهي الصديقة الكبرىٰ وعلىٰ معرفتها دارت القرون الاولىٰ والاخرىٰ.
[فاطمة الزهراء ليلة القدر «للسيّد عادل العلوي»].
فاذاً كانت فاطمة حجة وما تزال حجة علىٰ الأئمة عليهم‌ السلام.

وحبها من الصفات العالية ** عليه دارت القرون الخالية
بابي فاطم وقد فطمت ** باسمها نار حشرها ولظاها
هي والله كوثر قد اعدت ** لبنيها وكل من والاها
هي عند الله اعظم خلق ** وبها دار في القرون رحاها

وهكذا كانت فاطمة الزهراء عليها‌ السلام بهذه الوجوه وادلة اخرىٰ الحجة على الأنبياء والأوصياء وبهذا المعنىٰ الذي وضحناه تبين لنا عِظم مقام فاطمة عليها‌ السلام وعلو قدرها عند الباري عزوجل ونكتفي بهذا البيان حول الوقوف علىٰ قول الإمام الحسن العسكري «فاطمة حجة علينا».

والحمد لله رب العالمين

عن الإمام الحسن العسكري عليه‌ السلام أنه قال: «نَحْنُ حُجج الله على خلقه، وجدّتنا فاطمة عليها‌السلام حُجّة الله علينا» [تفسير أطيب البيان: 13 / 226]
يعتبر هذا الحديث من الأحاديث المهمة التي وردت عن الإمام الحسن العسكري عليه‌ السلام، لذا ونحن نقف نستلهم الدروس العقائدية من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة لابد لنا أن نتأمل في هذا الحديث ونرى مدى مصداقيته في عالم الواقع والثبوت، وبعبارة أخرى هل لهذا الحديث وجه للاستدلال به في المحاورات العقائدية التي تخص حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌ السلام أم لا؟
وهل هناك وجه من الصحة بحيث تكون الصديقة الطاهرة عليها‌ السلام الحجة على الأئمة أم يتجاوز الأمر الىٰ أبعد من ذلك؟
وما هي الثمرة لهذا الحديث إذا ثبت له الواقعية والمصداقية ومدى تأثيره على الجانب العقائدي للفرد المؤمن؟
كل هذه الأسئلة نحتاج الوقوف عليها والتأمل فيها واستجلاء حقائقها وإدراك مغازي هذا الحديث العقائدي. وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث الذي سنقسمه إلىٰ ثلاث أمور أساسية وهي:

الأمر الأوّل: معنى الحجة؟
الأمر الثاني: شرعية الحجة.
الأمر الثالث: كيف كانت فاطمة عليها‌السلام حجة الله على الأئمة؟


الأمر الأوّل
معنى الحجة؟

وردت عدة تعاريف للحجة وماهيتها ولها عدة معاني لابد لنا من الوقوف عليها وعلى المعنى الذي يهمنا في المقام والذي من شأنه أن يبين معنى الحديث الشريف بحيث لا يبقى فيه أي إجمال وفي كل الجهات المبحوث عنها في المقام وجرت عادة أهل العلوم عندما يأتون إلى موضوع ما ويريدوا أن يعرفوه بأي تعريف كان فإنهم يعرفونه بالتعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي العلمي ونحن بمقتضى هذا الأمر نحذوا حذوهم في تعاريف الحجة.

1 ـ الحجة لغة:
كل شيء يصلح أن يحتج به على الغير وذلك بأن يكون به الظفر على الغير عند الخصومة معه والظفر على الغير على نحوين:

«أحدهما» إما بإسكاته وقطع عذره وإبطاله.
«والآخر» وإما بأن يلجئه على عذر صاحب الحجة فتكون الحجة معذرة لدى الغير والحجة هي الدليل والبرهان.
وقال الأزهري: إنما سميت حجة لأنها تُحَج أي تقصد لأن القصد لها واليها وكذلك معنى المحجة أي محجة الطريق وهي المقصد والمسلك [لسان العرب مادة حجة].

2 ـ وأما الحجة في الاصطلاح العلمي فلها معنيان أو اصطلاحان:

* ما عند المناطقة:
ومعناها «كل ما يتألف من قضايا تنتج مطلوباً» أي مجموع القضايا المترابطة التي يتوصل بتأليفها وترابطهما إلى العلم بالمجهول سواء كان في مقام الخصومة مع أحد أم لم يكن، وبحثنا من جهة هذا التعريف المنطقي سوف يكون بربط مجموعة من القضايا وتأليفها لكي تصل إلى العلم بالمجهول وهو كيف أصبحت فاطمة حجة على الأئمة بل على الأنبياء فضلاً عن الخلق كما سيتبين من خلال البحث.

* وهنالك معنىٰ للحجة لدى الأصوليين:
وهو «كل شيء يثبت متعلقه ولا يبلغ درجة القطع» أي لا يكون سبباً للقطع بمتعلقه، وإلاّ فمع القطع يكون القطع هو الحجة ولكن هو حجة بمعناها اللغوي أو قل بتعبير آخر «الحجة»: «كل شيء يكشف عن شيء آخر ويحكي عنه على وجه يكون مثبتاً له» [اُصول المظفر: 2 / 18].
ونعني بكونه مثبتاً له: إن إثباته يكون بحسب الجعل من الشارع لا بحسب ذاته فيكون معنى إثباته له حينئذ انه يثبت الحكم الفعلي في حق المكلف بعنوان انه هو الواقع، وإنما يصح ذلك ويكون مثبتاً له فبضميمة الدليل على اعتبار ذلك الشيء الكاشف الحاكي وعلى انه حجة من قبل الشارع.

كما تنقسم الحجة في المنطق إلى قياس وتمثيل واستقراء، والحجة ما يصح الاحتجاج به وما يحتج به المولى على العبد في مقام المنجزية ويحتج به العبد على المولى في مقام المعذرية، ثم الحجة تنقسم بالتقسيم الاولي إلى عقلية وشرعية، والاولى هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب، والثانية هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب، والثانية هي التي يصح الاحتجاج بها في الأمور الشرعية، أي ما يصح التعويل عليها في الفتاوى للفقيه، فهي بصورة خاصة وبين الحجتين نسبة العموم المطلق، فكل شرعية عقلية ولا عكس فان الحاكم بصحة الحجة هو العقل وكل واحد من القسمين ينقسم إلى حجة إلزامية وإلى حجة إرشادية والاولى بمعنى ما يجب عند العقل التعويل عليه والإلزام بما تقتضيه نفس الحجة والثانية ما يجوز التعويل عليه والإرشاد ويكون من خواصها.

فالحجج الإلزامية العقلية كالبراهين الدالة على المبدأ والمعاد والنبوة الخ والحجج الإرشادية العقلية كإخبار العالم ورأي المتخصص وقول الخبير وتصير إلزامية عند الرجوع إليها والتعويل عليها والحجج الإلزامية الشرعية كالأنبياء وأوصيائهم المعصومين فإنهم حجج الله ويجب الأخذ بأقوالهم وأفعالهم وتقريرهم والذي يعبر عنها القول والفعل والتقرير بالسنّة [هذا التقسيم استفدناه من درس أستاذنا آية الله السيد عادل العلوي حفظه الله (خارج الفقه) ـ الاجتهاد والتقليد]، وفيما نحن فيه من معرفة معنى الحجة يفيدنا في المقام الحجة لغة ومنطقا لكونهما يوصلان بالقطع بأمر بحيث يصلح أن يحتج به على الغير سواء في الدنيا أو الآخرة، وعلى ضوء الاستدلالات العقلية البرهانية.
وعلى ضوء التعاريف المتقدمة يكون قد لاح لنا مفهوم آخر غير الحجة وهو المحجة، والحجة تبين لك معناها من التعاريف المتقدمة، أما المحجة فهي المسلك والطريق الذي يتوصل به إلى الغيروالمحجة هي الطريق السليم الذي لا إعوجاج فيه، فلقد ورد في هذا المعنى عن الإمام جعفر الصادق عليه‌ السلام انه قال وسمع كثيراً يردد هذا القول:

علمُ الحجة واضح لمريده ** وأرى القلوب عن المحجة في عمىٰ
وقد عجبت لهالك ونجاته ** موجودة ولقد عجبت لمن نجىٰ

الأمر الثاني
شرعية الحجة

هناك عدة احتجاجات وردت في القرآن الكريم قد اثبتها الله تبارك وتعالىٰ لنبيه محمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ولانبياءه المرسلين من الاولين والاخرين لكي يحتجوا بها على الناس المشككين أو الناكرين للرسالة أو النبوة أو النبي ومعاجزه وكراماته، ولقد بيّن الله تعالىٰ في كتابه الشريف بعض الايات التي نستفيد من خلالها ان الله تعالى يحتج يوم القيامة بالانبياء على الناس وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ... إلى قوله تعالى ... رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
ومن جهة اخرى ورد في القرآن الكريم بعض الاحتجاجات بين الكافرين في ما بينهم في النار حيث جاء قوله تعالى (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ).

وكذلك نجد قوله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ). جاء ليؤكد حقيقة النصارىٰ وطلبهم من الرسول الاحتجاج حول مسألة عيسىٰ ابن مريم وكيف واجههم الرسول الاكرم صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بقضية المباهلة التي خسروا فيها والقي ما في أيديهم من الحجة التي كانوا يحتجون بها على الرسول صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم.

وكثيرةٌ هي الاحتجاجات الموجودة في القرآن الكريم والتي جاءت بعضها لكي تثبت اعجاز القرآن الكريم واخرىٰ لتبين احتجاجات ابراهيم مع قومه واخرىٰ تثبت احتجاجات الرسول مع قومه وهكذا لئلا يكون للناس على الرسول المرسل الحجة البالغة، ولذا نجد أميرالمؤمنين علي عليه‌ السلام يقول في معرض بيان ان العباد لابد لهم ان يتعظوا وينتفعوا بحجج الله تعالىٰ فانه لا ينفع أي شيء يوم القيامة إلا الإيمان المقرون بالولاية والعمل الصالح.

«انتفعوا ببيان الله واتعظوا بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله فان الله قد أعذر إليكم بالجلية وأخذ عليكم الحجة وبين لكم محابّه من الاعمال ومكاره منها لتبتغوا هذه وتجتنبوا هذه».

ويعني هذا أن العباد لابد لهم من الانتفاع من العلم المقرون بالعمل الصالح وإلاّ العلم وحده ليس فيه فائدة ولابد للعباد أن يستفيدوا من المواعظ ليتعظوا بها في مقام العمل، ومع ذلك نجد في كثير من الروايات الشريفة مسألة الاحتجاج البالغ من الله تعالىٰ حيث سئل الإمام الصادق عليه ‌السلام عن قوله تعالىٰ (فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) فأجاب عليه‌ السلام: «قال إذا كان يوم القيامة قال الله تعالىٰ للعبد أكنت عالماً؟ فان قال نعم. قال: أفلا عملت بما علمت وان قلت كنت جاهلاً قال له: أفلا تعلمت؟ فتلك الحجة البالغة لله تعالى».
وهنا ينقدح سؤال مهم قد يرد في ذهن الكثير من المؤمنين وهو هل كل الناس يحتج عليهم الله تعالىٰ يوم القيامة على ضوء هذا الحديث الشريف؟
والجواب على ذلك أنه ليس كل الناس يحتج عليهم الله تبارك وتعالىٰ يوم القيامة بل هناك عنق من الناس لا يسئلون ولا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فاطمة عليها ‌السلام حجة الله الكبرى
» درر الكلام ....اقوال فاطمة الزهراء عليها السلام
» السيدة فاطمة الزهراءسيدة نساء العالمين عليها السلام
»  السيده زينب عليها السلام في محراب العباده
» لمـــــــاذا سمــــــــي نبـــــــي الله نوح علية السلام بهذا الاسم ؟؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ومضات محمدية :: المنتدى الاسلامي :: منتدى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام-
انتقل الى: